الأخبار
جلال دويدار
التعليق علي براءة مبارك .. بين الإسفاف والنقد
بعيداً عن السفالة اللفظية التي يمارسها البعض من متخذي وسائل الاتصال الاجتماعي الالكتروني مسرحا لابراز انحطاطهم الاخلاقي.. أقول إن من حق أي انسان أن ينتقد ما يقال وما يُكتب.. ولكن الطبيعي أن يتم ذلك بموضوعية وفي حدود الأدب. غير ذلك وفي حالة الخروج عن هذه المبادئ في التعامل.. فإنه ليس هناك من وصف للتجاوز سوي »كل إناء ينضح بما فيه»‬.
في هذا الاطار وتعليقا حول ما كُتب بشأن حكم القضاء المصري بتبرئة الرئيس الأسبق مبارك من اتهامه بقتل متظاهري ثورة ٢٥ يناير.. فإننا لا نملك سوي ابداء الاحترام لهذا الحكم الذي صدر عن قضاء مصر الشامخ حصن العدالة لكل مصري مهما كانت انتماءاته.
علي هذا الأساس لابد أن يكون معلوما أنه لا يمكن اتهام أحد بالمسئولية عن التبرئة أوالادانة. وباعتبار ان حكم القضاء هوعنوان الحقيقة فإنه لا أحد ينكر أن براءة مبارك جاءت بحكم قضائي لقمة درجات القضاء. كما انه وسعيا الي تحقيق الاستقرار الاجتماعي يتحتم القبول بهذا الحكم الذي يعد عنوان الحقيقة وملاذا للحساب والمحاسبة. غير ذلك يعني أن الدنيا تتحول إلي فوضي وغابة لا ضابط ولا رابط فيها وبذلك تصبح مرتعا للتوحش الذي تضيع فيه الحقوق والقيم والمبادئ التي شرعها الله من خلال أديانه السماوية.
اسقاطا للاسفاف المزري الذي تضمنته رسالة وحيدة الكترونية تلقيتها تعليقا وردا علي تناولي لحكم النقض ببراءة مبارك.. فإنني وبداية لابد أن أُلفت النظر إلي أن ما كتبت تركز بشكل أساسي حول ما جاء في مضمون الحكم. في هذا الاطار طالعت أيضا بكل احترام رسالة اخري بعث بها الدكتور محمد سالم عن طريق حساب الاستاذ المتفرغ في جامعة الأزهر الدكتور محمد شيرين التي انتقدت مضمون مقالي حول ما كتبته عن الحكم بتبرئة مبارك.
في هذا الشأن أشير الي انني التزمت بالحرص علي تجنب أي اشارة لممارسات أوأعمال الرئيس مبارك سلبا أوايجابا أوتناول ما أفرزته ثورة ٢٥ يناير خطأ أوصوابا. كل ما نشرته كان يتعلق بالدور الذي قام به البعض في تسليم هذه الثورة إلي جماعة الإرهاب الإخواني. بالتأكيد فإن لا أحد يمكن أن ينكر أن هذه الجماعة لم تكن صاحبة هذه الثورة وانها كانت وراء ما تعرضت له مصر من مشاكل وأزمات ومحن مازلنا نعاني منها جميعا حتي الآن.
لست ضد ما ذكره الدكتور سالم في رسالته عن سلبيات سنوات حكم الرئيس مبارك ومسئوليته عن إفساد الحياة السياسية وإصابة الاقتصاد المصري بالجمود. وما ترتب عليه من تجميد فرص تنمية مصر اقتصاديا واجتماعيا مثلما حدث في دول أخري مثل ماليزيا والهند. انه أيضا كان مسئولا عن ايقاف الاستثمار في مجال الغزل والنسيج منذ عام ١٩٩٤ والاعتماد علي استيراد القطن من الخارج بعد أن كانت مصر تحتل الريادة في زراعته وتصنيعه.
انتقدني الدكتور سالم لانني أشرت في المقال إلي براءة الرئيس الأسبق عن قتل المتظاهرين دون الاشارة إلي أنه حكم عليه بثلاث سنوات سجن من محكمة النقض أيضا بتهمة اهدار وسرقة الأموال العامة في قضية القصور الرئاسية. بكل الود والشفافية أقول للدكتور سالم انه ومع احترامي لوجهة نظره إلا أنني أحب أن يعلم ان تعليقي انصب بشكل أساسي علي حكم البراءة في قضية اتهام مبارك بقتل المتظاهرين. انني ما كنت أتورع عن الكتابة في أي حكم يصدر بالنسبة لادانته في أي قضية أخري بما في ذلك ما يتعلق بالأموال العامة. هذا الأمر أشرت إليه ضمنيا في مقالي عندما قلت إن ما تعرض له مبارك علي مدي ست سنوات من المحاكمات والمعاناة لابد أن يكون وراءه سبب -لا يعلمه إلا الله- كان عليه أن يُكفر عنه.
في النهاية فإنني اختتمت مقالي بأن هذه البراءة هي في البداية والنهاية مكتوبة لمبارك بأمر الله الذي كانت وسيلته حكم القضاء المسئول أمامه. أكدت أن عدالة السماء لابد أنها ستكشف المستور يوما وتفضح المجرمين الحقيقيين الذين كانوا وراء استشهاد الذين راحوا ضحية لثورة ٢٥ يناير. أخيرا أقول للدكتور سالم إنني كنت من الأقلام الناقدة قبل ثورة ٢٥ يناير علي قدر الإمكان وانني لم اتوقف عن انتقادي لممارسات جماعة الإرهاب الإخواني واخطائها وسلبياتها. هذا الواقع اتفق عليه غالبية المصريين بعد اكتشافهم نتائج هذه الفترة الاخوانية السوداء التي لم تشهد مصر مثيلا لها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف