المساء
مؤمن الهباء
شهادة - سيدة المطار..!!
سيدة المطار التي اعتدت علي ضابط الشرطة وهددته وتوعدت بتدمير المطار ليست حالة فردية وليس استثناءً فاجأنا.. وإنما هي نموذج حقيقي لطبقة موجودة بيننا نمت وترعرعت واكتسبت من القوة والنفوذ علي مدي سنوات طويلة مضت ما جعلها تتصور انها فوق القانون وانها تستطيع ان تفعل ما تشاء في أي وقت تشاء دون ان يقف في وجهها عائق.
هذه الطبقة من الاثرياء الجدد كونت ثروات هائلة منذ بداية عصر الانفتاح- انفتاح السداح مداح- وصارت تمتلك المليارات من الجنيهات وتعيش في القصور والفيلات.. لكنها ثقافيا واجتماعيا- تنتمي إلي قاع المجتمع وبيئاته العشوائية.. وهؤلاء الاثرياء الجدد تستطيع ان تميزهم بسرعة عندما تراهم وهم يتعاملون في المؤسسات العامة كالجامعات والمولات وأقسام الشرطة وكمائن المرور وعندما تشاركهم في أفراحهم وتعرف مستوي الفن "الهابط" الذي يتفاعلون معه والذوق "الهابط" الذي ينجذبون إليه.
هذه الطبقة المستحدثة لاتستطيع أبداً أن تربطها بالطبقات العليا التي كنا نسمع عنها قديماً ولانراها إلا في أفلام الابيض والاسود.. والتي كانت لها تقاليد وعادات تحافظ عليها.. والذين كانوا يهتمون بتربية أبنائهم وبناتهم علي احترام هذه التقاليد حتي تستمر معهم وتميزهم عن غيرهم.. ولذلك كان يطلق عليهم أنهم "أبناء ناس".
أقول هذا وأنا ضد ربط القيم والاخلاق بالطبقات الاجتماعية وأدرك جيدا ان هناك ممن ينتمون إلي الطبقات الدنيا والبيئات العشوائية من يتمسكون بالقيم الاخلاقية والتقاليد الراقية اكثر من سكان الفيلات والقصور.. والقضية في حقيقتها لا ترتبط بالقدرة المالية.. ولا بالمظاهر الكاذبة.. وإنما ترتبط بالجوهر.. وبمنظومة القيم التي يتم تنشئة الابناء عليها.. وكم من عائلات فقيرة وتسكن الارياف قدمت ومازالت تقدم للوطن نماذج رفيعة وقدوات حسنة في العلم والتربية.
وقد جاءت حادثة سيدة المطار لتكون جرس إنذار جديد ينبهنا إلي إعادة النظر في القيم السائدة في مجتمعنا والعمل علي تغييرها بسرعة قبل ان ينهار هذا المجتمع ويهبط إلي درجة لايجدي معها أي إصلاح فنحن في حاجة إلي اعلاء قيمة احترام القانون.. والمساواة بين جميع المواطنين وتطبيق القواعد والنظم علي الجميع بلا استثناءات.. والقضاء علي الوساطة والمحسوبية والرشوة وهي الاذرع القوية التي يعتمد عليها أصحاب النفوذ- نفوذ المال ونفوذ السلطة.
ثم يجب ان نواجه أنفسنا بأننا افتقدنا شيئاً عزيزاً ذكرتنا به حادثة سيدة المطار.. ونريد ان نستعيده لانه قيمة رفيعة لاتقدر بمال.. هذا الشئ اسمه الحياء.. واحتياجنا للحياء ليس احتياجاً دينيا فقط وإنما هو احتياج اجتماعي.. لانه يمثل قوة للردع الذاتي تمنع الانسان من أن يفعل أو يقول ما يهبط به بين الناس ويحط من شأنه.. والحياء شعبة من شعب الايمان.
تقول لنا حادثة سيدة المطار ليس كل من امتلك المال وارتدي أغلي الثياب واستخدم أغلي أنواع العطور والماكياج وركب أفخم السيارات وتحدث بالانجليزية والفرنسية وحاز النفوذ والسلطة صار من الطبقة العليا.. ابحث عن الجوهر.. عن الاصل.. وتذكر دائما قول الشاعر: "والجهل يهدم بيوت العز والكرم".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف