الأهرام
جمال عبد الناصر
الإرهاب أم الإسلام؟
بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بدين السلام، داعيًا لإعلاء القيم الإنسانية ونشر التسامح بين البشر؛ فحول المجتمع العربي من قبائل متناحرة إلى إخوة متحابين يسعى بذمتهم أدناهم وصاروا يدًا على من سواهم.
لقد كثُر الكلام في أيامنا هذه عن الحرب على الإرهاب، والحديث عن داعش، ومحاولة لصق كل ما هو شائن بالإسلام والمسلمين، علمًا بأن العالم لم ينعم بأمن ولا اطمئنان مثلما نعم به في رحاب الإسلام دين الوسطية والحنيفية السمحاء، ولم تُعرف حقوقُ الإنسان حقيقةً إلا على يدي رسول الله الإسلام صلى الله عليه وسلم، فهو حقًّا من حرر المرأة بل حرر الإنسان عمومًا.
لكن خرجت علينا اليوم أمريكا متزعمة ما يُسمى بالحرب على الإرهاب، متذرعة بتصرفات تنظيم دولة العراق والشام (داعش)، ولو رجعنا إلى الوراء قليلاً وعلمنا أن بوش الأب تزعم حرب الخليج الأولى على العراق وأول هدف ضربته الطائرات الأمريكية هو مسجد الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان إمام أهل السنة والجماعة فهل كان هذا المسجد ينشر الإرهاب؟! أم أنها الحرب على الإسلام ومعالمه؟ وكذلك أيضًا الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر، واحتلال أمريكا لأفغانستان المسلمة بغير وجه حق سوى اتهامات لم تثبت قانونًا حتى الآن، والغريب أن يصرح بوش الابن بأنها حرب صليبية مقدسة ويؤيده في تصريحه هذا رئيس الوزراء الإيطالي بيرل سكوني سابقا.

وجاءت حرب الخليج الثانية التي تزعمها بوش الابن أيضا على العراق، وما جرى من تخريب وتدمير في أرض العراق وما حدث من انتهاكات على أيدي الإيرانيين بغطاء أمريكي، وذلك تم بحراسة ورعاية أمريكا –التي تزعم أنها تحمي الحقوق والحريات وتحارب الإرهاب- ثم ها هي اليوم تخرج علينا راغبة في العودة مرة ثانية للهمينة على آبار النفط وبلاد العرب والمسلمين في العراق وسوريا واليمن وغيرها بحجة ضرب تنظيم القاعدة التي كانت صانعة له يومًا ما، وليتها هبَّت نصرة للضعفاء والمظلومين، فكم قُتل من مظلوم وذًبح وحرق وخرب ولم تحرك أمريكا ساكنًا تحت غطاء المصالح التي تتم في الخفاء وعلنًا بينها وبين الدول الداعمة لذلك.
الإسلام بريء مما يحاول أعداؤه أن يلصقوه به من إرهاب، بل إن الرسول الكريم قال لأصحابه عندما خرجوا في غزوة مؤتة لحرب الأعداء: "لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدًا، أو امرأة، ولا كبيرًا فانيًا، ولا معتصمًا بصومعة، ولا تقربوا نخلاً، ولا تقطعوا شجرًا، ولا تهدموا بناءً..."، فأين هذا مما حدث في بلاد العرب والمسلمين مما فعلته أمريكا التي أبادت حضارة الهنود الحمر بالمجازر وبنت اقتصادها على ظهور عبيد إفريقيا، وحاكت الدسائس في بقاع العالم باسم الحرية مسببة مجازر ابتداءً من هيروشيما ونجازاكي ومرورًا بفيتنام وإبادة شعبها، وها هي تنتقل من مجزرة إلى أخرى ومن إبادة شعب إلى آخر متسببة في هلاك البشر الأبرياء، وليس ببعيد منا ما جرى في أفغانستان والعراق وسوريا وفلسطين الضحية الأقدم، ولا ننسى أعوان الإدارة الأمريكية من الأوروبيين وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.
لا بد أن ننظر إلى أسباب نشأة داعش لنعلم أنها قامت على مسمع ومرأى من الراعي الأمريكي، الذي ظل صامتًا حتى تفاقمت المشكلة، وها هو اليوم قد صاح زاعمًا أنه يحمي الحريات ويحارب الإرهاب!!
وهكذا يتضح لنا أن الإسلام أمر بالإحسان في كل شيء حتى في القتل والذبح ففي الحديث "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة"وهو دين الرحمة الذي يدعو إلى التسامح والإخاء وينبذ العنف والإرهاب ويؤصل لصناعة سلام حقيقي مع النفس ومع البشر عمومًا.
فما يُحاك اليوم ويدبر بأنه حرب على الإرهاب هو ليس كذلك، بل هو حرب على الإسلام وبلاد المسلمين وثرواتهم، ومحاولة الهيمنة من الدول الكبرى على بلدان العرب والمسلمين.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف