الإسلام ينتشر رغم الحرب عليه.. هذه خلاصة دراسة أجرتها مؤسسة بحثية أمريكية ونشرتها مؤخراً. ونحن لا نعرف إذا كان مثل هذا الكلام خداعاً وتمويهاً. أم أنه حقيقة تعكس الواقع؟!.. فحال المسلمين لا يسر عدواً ولا حبيباً.. فهم يتعرضون للمضايقات في أمريكا وكثير من دول أوروبا وفي ألمانيا. تغلق مساجد ونحن لا نلوم السلطات الألمانية بقدر ما نلوم بعض المسلمين الحمقي الذين ينشرون التطرف.. واليمين المتطرف يصعد ويكسب كل يوم أرضية جديدة. والعنصرية في صعود. والكراهية بين البشر تتزايد. حتي طالت في أمريكا اليهود والكاثوليك.. وصندوق باندورا انفتح وتخرج منه العجائب في الغرب والشرق علي السواء.
ووسط هذه المعمعة في الغرب وأمريكا. مازال الشرق الإسلامي يتراجع. فالمسلمون في المنطقة العربية ضائعون تائهون. متخبطون. والحقيقة أنهم كذلك منذ قرون. بعض العرب إما أنهم غارقون في الحروب والتشرد والمجاعة. إما أنهم غارقون في الأزمات الاقتصادية والصراعات الداخلية.
إذا صح ما نشر بأن الإسلام هو الديانة الأسرع انتشاراً رغم الحرب عليه. فتلك عجيبة. فالإسلام كأفكار وقضايا وقيم علي الأرض. أقصد كتطبيق قد انتهي منذ زمن بعيد. وربما منذ انتهاء عصر الخلافة. وربما منذ مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان في داره بالمدينة عام 35 هجرياً. وحينما تولي الإمام علي الخلافة كانت الفتنة قد بدأت تطل برأسها وتعصف ببلاد الإسلام والمسلمين.
وما كادت الفتنة تهدأ حتي ازدادت اشتعالاً بعد وفاة معاوية. وتولي ابنه يزيد الذي قتل الحسين. سبط رسول الله. وأهل بيت النبي. وعندما ثار أهل المدينة لمقتل الحسين. أرسل يزيد جيشاً استباح المدينة وأهلها رجالاً ونساءً. كل ذلك ليأخذ البيعة. ثم يتحول جيش يزيد إلي مكة ويحرق الكعبة. ويفعل في أهلها ما فعل في المدينة.
وكانت نتائج الفتنة وبالاً علي الإسلام والمسلمين.. وأولها: القضاء علي الخلافة الراشدة. وثانيها تفرق المسلمين شيعاً وأحزاباً. وثالثها: تأسيس الملك العضوض. القائم علي التوارث.. وهو ملك عنيف لا يقوم علي الدين. إنما يقوم علي السياسة والمنفعة.
لقد غابت عن حياة المسلمين المثل العليا التي نزلت إليهم من السماء. وأبرزها العدل والشوري. وإتقان العمل وطلب العلم.. وعبر التاريخ انتهكت الحرمات في العالم الإسلامي وسفكت الدماء ومازالت تسفك أنهاراً وغرق المسلمون العرب في الظلم والفساد وتمزقوا علي يد الاستعمار. وهم الآن يقبلون التمزق كحقيقة واقعة.
إن التمزق والاقتتال في العالم العربي له عاملان رئيسيان. الأول ظلم الأنظمة العربية الذي أثار البغضاء والكراهية بين أبناء الشعب الواحد والثاني الفقهاء الذين لم يسييروا الأمة وفق التقاليد. وإنما وفق اجتهاداتهم الشخصية مثل هؤلاء الفقهاء حولوا الإسلام إلي دين فقهي. مبتعدين عن جادة الفكر والإسلام الصحيح.
كلمات باقية
إني أحذرك الله. وأحذرك نقمته. وأحذرك أن تكون أمام هذه الأمة المقتول. فإنه يقال: "يقتل في هذه الأمة إمام فيفتح عليها القتل والقتال إلي يوم القيامة".
علي بن أبي طالب وهو يقدم النصح والمشورة للخليفة الثالث عثمان بن عفان.