محمد فؤاد
ع الطريق.. ميركل.. أردوغان.. إلي أين؟!
لم يكن ليظن أكثر الساسة والمحللين والمراقبين للأحداث أن تصل العلاقات بين اللدودين ميركل وأردوغان إلي ذلك الخلاف في الرؤي ووجهات النظر. وأن تشتد بينهما النبرة الهجومية والحرب الكلامية. حتي صعدا بعلاقتهما إلي هاوية العداء!!
فأردوغان الذي اتهم ألمانيا من قبل أنها صارت ملاذاً للإرهابيين. وطالب التاريخ بأن يحاكمها. لأنها تحولت إلي مأوي لحرب العمال الكردستاني ـ وهو ما يعني به الإرهابيين ـ ثم عاد واتهمها مؤخراً بالممارسات النازية. لأنها ألغت مسيرات المهاجرين أنصاره. والتي ستخرج لتقول كلمتها في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية. في أبريل القادم.
وميركل لم تكن لتفعل ذلك لو لم يعتقل أردوغان الصحفي الكردي ـ الألماني "دينيس يوجل" ومراسل جريدة "دي فيلت" في أنقرة. والذي اتهمته السلطات التركية بالجاسوسية وبث الكراهية والتحريض علي الإرهاب!!
وبينما أوعزت "ميركل" أمر الموافقة علي التجمعات العامة أو إلغائها. إلي سلطة المحليات فإن جاويش أوغلو وزير خارجية تركيا. طالبها بأن تعاملهم معاملة الشريك. وكدولة من الدرجة الأولي وليس الثانية. واتهم "عمر شيليك" وزير الشئون الأوروبية السلطات الألمانية بالانتهاك الواضح للديمقراطية. وهدم الجسور بين الدول. وبناء أيديولوجيات تفرق بين الناس.
وإمعاناً في التحدي. فإن ميركل التي طلب منها أحد أعضاء حزبها اعتبار أردوغان شخصاً غير مرغوب فيه "قد منعت بثاً كان سيوجهها الرئيس التركي لجاليته في ألمانيا. فيما سمحت للأكراد المعاضين لسياساته بتفعيل أنشطتهم وإقامة فعالياتهم.
وفي الحقيقة أن قضية "دينيس يوجل" ليست وحدها هي ما فجرت التوترات بين الزعيمين. فهناك أسباب أخري أدت إلي انفجارها. كان أهمها الانتقادات التي وجهتها ألمانيا لتركيا. عندما انتهكت حقوق الإنسان وحقوق التعبير. بعد انقلاب يوليو 2016 وما أعقبه من حملات اعتقال وتوقيف واسعة بلغت الآلاف. من ضباط الجيش والوظائف العليا. من بعد اعتقال رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت" ومراسل "دي فيلت" في أنقرة.
ومما دعا أيضاً إلي توتر العلاقات. منع انقرة لنواب ألمانيا من زيارة جنودهم بقاعدة "إنجرليك" التركية في العام الماضي. وأتي ذلك كرد غاضب. علي ما اعتبرته برلين وجري للأرمن في الحرب العالمية الأولي علي يد تركيا. أنه حرب إبادة!!
بالإضافة إلي غضب ألمانيا من تركيا. لرفضها الانضمام إلي أوروبا في فرض عقوبات علي إيران بسبب برنامجها النووي. وكذلك لعدم اعترافها بحكومة قبرص الجديدة. وفتح موانيها أمام السفن القبرصية.
إذا كانت الأمور وصلت بين ميركل وأردوغان إلي مفترق الطرق أو طريق اللاعودة. فماذا سيكون عليه حال أوروبا ـ وليس ألمانيا ـ بعد تعديل الدستور التركي. ويصير رئيساً للسلطة التنفيذية ويمنح نفسه صلاحيات أكثر. ويصبح أشد شراسة في مواجهة خصومه ومعارضيه؟!