محمد جبريل
ع البحري .. انخفاض الدولار .. وارتفاع الأسعار!
قد لا يعرف جيل الشباب الحالي. أو أنه سيعرف بالقراءة. أن الدولار في سني الستينيات - عقد الهزيمة اللعين في تسمية المعادين للتجربة الناصرية - لم يكن في وضع الأبهة الذي هو عليه الآن. أذكر أن قيمة الجنيه الواحد كانت ثلاثة دولارات. وعندما أتيح لي رؤية الدولار رأي العين في منتصف السبعينيات. وتعاملت به بيعاً وشراءً. كانت قيمة الدولار سبعين قرشاً. ثم حفز انفتاح الثمانينيات ذوي الضمائر الميتة إلي التلاعب بالاقتصاد المصري بجعل الدولار عملة أولي. تسبق العملة المحلية في مجالات التصدير والاستيراد. وحين أراد وزير الاقتصاد الأسبق مصطفي السعيد ان يهدئ من اندفاعات "العملة الصعبة" دفع الثمن عزله من منصبه. وظل الدولار في تصاعده الغريب. وغير المبرر. بينما انعكس تراجع العملة المحلية في ارتفاع مؤشرات الأسعار. ورحلت مجموعات اقتصادية. وقدمت مجموعات أخري. والوضع يزداد تفاقماً. ولم يعد من الغريب أن تطالعنا وسائل الإعلام بأخبار وإعلانات تضع الدولار - والعملات الأجنبية الأخري - في موضع السيادة.
وعلي الرغم من النتائج السلبية التي توقعها الكثيرون عقب قرار تعويم الجنيه المصري. فقد وجد فيه خبراء اقتصاديون - لا صلة لهم بتوجيهات صندوق النقد! - سبيلاً لخروج الاقتصاد المصري من عنق الزجاجة . وبداية لسياسة جديدة أدواتها المصارحة والشفافية والأرقام الصحيحة.
لست خبيراً في الاقتصاد. وإن أراحتني التأكيدات بأن ارتفاع أسعار السلع والخدمات ظاهرة مؤقتة. تتقلص وتتلاشي. وتعود الأسعار إلي سابق عهدها. فضلاً عن استرداد الاقتصاد عافيته.
صدقت الحكومة في التنبؤ بأن "العملات الصعبة" لن يتواصل ارتفاعها. وأنها ستبدأ في الانخفاض حتي تعود - بعودة الرخاء - إلي أقل مما كانت عليه. لكن الصدق غاب في تصرفات المتلاعبين بأقوات الناس. وبدلاً من ان يرافق انخفاض الدولار وإخوته خفضاً مماثلاً في الأسعار. فإن الخط البياني لها في تصاعده الغريب. كأن إشارة الانطلاق لا تعرف التوقف!
ما يحدث في الأسواق لا شأن له بالدولار. ولا بتوالي المجموعات الاقتصادية. ولا بأي تصور مستقبلي. إنه إفراز مؤسف لمجموعات وأفراد من الاحتكاريين ونهازي الفرص. تخلوا عن أبسط واجبات المواطنة. وأهملوا ما أسرفوا في زعمه بأن حركة الأسعار - صعوداً وهبوطاً - مرتهنة بالدولار!
اطمئنان المصريين إلي وعد الحكومة. يجب ان توازيه اجراءات ملزمة. تعيد إلي الأسواق انضباطها. فلا تتحول الأوضاع الطارئة إلي فعل دائم. تنعكس نتائجه السلبية علي التجار أنفسهم.
ولا يخلو من دلالة إقدام تجار من الاسكندرية علي تخفيض بضائعهم. بعد ان طالت ركنتها في انتظار المشترين!