مؤمن الهباء
شهادة .. لماذا تأجل القانون ؟!!
صدمتنا الأخبار الآتية من مجلس النواب بتأجيل مناقشة قانون التأمين الصحي الشامل إلي دور الانعقاد القادم.. لأن الحكومة لم تستكمله.. ولم يتحقق أي إنجاز في إعداد البنية الأساسية اللازمة لتقديم رعاية صحية علي مستوي معقول للشعب المصري.
وكنا قد استبشرنا خيراً بالأخبار التي أعلنتها الحكومة خلال الأسبوع الماضي. وملأت بها الصحف والقنوات الفضائية بأنها بصدد دراسة مشروع قانون التأمين الصحي الشامل من كل جوانبه.. وإعداد الدراسة الاكتوارية من خلال شركة أجنبية.. حتي يتسني تقديمه كاملاً إلي مجلس النواب لإقراره وتفعيله.. لكن الأخبار الآتية من مجلس النواب حالياً. تؤكد استحالة مناقشة القانون خلال دور الانعقاد الحالي.. ومن ثم سيتم تأجيله.
كان أملنا كبيراً أن تقدم الحكومة ويقدم مجلس النواب إنجازاً حقيقياً ملموساً للشعب ممثلاً في هذا القانون الإنساني الذي يوفر مظلة صحية لكل المصريين تطبيقاً لمبدأ الحق في الصحة الذي قررته المادة 18 من الدستور.. لكن الحكومة والمجلس خذلانا.. وانتهي أملنا إلي إحباط كبير.
وإذا جاز للحكومة أن تنشغل عنا بأمورها الخاصة. لأنها غير منتخبة بأصواتنا.. فليس يجوز أن ينشغل مجلس النواب عن السعي الحثيث وراء هذا القانون.. علي الأقل ليكفر به عن أدائه المخيب للآمال طوال الفترة الماضية.. حيث كانت كل إنجازاته إقرار ألف قانون في أسبوع. ليس من بينها قانون واحد لصالح الشعب. وإنما للضرائب وزيادة الأسعار والتصالح مع اللصوص الهاربين. وما شابه ذلك.. كما انحصرت إنجازاته في دعم الحكومة وقراراتها الاقتصادية "الإصلاحية" التي أثقلت كاهل المواطنين.. وإسقاط عضوية المغضوب عليهم والضالين من الأعضاء.. بينما أمام المجلس فرصة هائلة الآن لتحقيق إنجاز عظيم من خلال هذا القانون الذي سيكتب في ميزان حسنات النواب أجمعين لو اشتغلوا عليه.
اللهم اجعل كلامنا خفيفاً علي الدكتور علي عبدالعال. حتي لا يُساء تفسير هذا النقد العفيف.. الذي ليس له من هدف إلا توجيه نظر المجلس الموقر إلي أن الشعب كان ينتظر منه أن يقف بجانبه.. وأن يقدم له قانوناً يخدمه فعلاً كهذا القانون الخاص بالتأمين الصحي.. بعد أن وصلت منظومة الصحة في مصر إلي أدني درجاتها.
من يملك سلطة مساءلة الحكومة وملاحقتها حتي تسرع في إنجاز هذا القانون غير مجلس النواب؟!.. لقد أعطتنا الحكومة من بياناتها الصحفية كلاماً معسولاً لكنها في النهاية لم تفعل شيئاً.. ولم تلتزم بالمواعيد التي حددتها لمناقشة القانون وإحالته إلي مجلس النواب.. والمجلس عاجز عن أن يتخذ إجراءً جاداً تجاه هذا الأمر.. ولذلك لا تشعر الحكومة بأنها مقصرة.. بل لا تشعر بأي حرج.. وكأنها لم تقل شيئاً!!
الناس تئن من الأزمات المتلاحقة التي تعيشها.. وأولاها بالطبع وأشدها خطورة أزمة "انعدام الرعاية الصحية".. وارتفاع أسعار المستشفيات. وأسعار الدواء.. وطوق النجاة الوحيد للمواطن المريض في ظل هذا الضنك هو التأمين الصحي بعد أن تعطلت المستشفيات الحكومية وانهارت الوحدات الصحية.. ولم يعد هناك علاج مجاني أو شبه مجاني.. وإذا لم تلتفت الحكومة إلي هذا الأمر. فمن واجب مجلس النواب أن يسد هذا الخلل ويتقدم عدد من النواب بمشروع قانون بديل يلزم الحكومة بما يجب أن تلتزم به.
نريد أن نشعر بأن مجلس النواب يفكر فينا وينشغل بأحوالنا وأزماتنا بنفس الدرجة التي ينشغل بها من أجل زيادة بدلات أعضائه وتحسين مخصصاتهم وشراء سيارات فارهة وإصدار قانون يعفيهم من الضرائب وتعديل الدستور.. فهل هذا كثير علينا؟!.. وهل نسيء إلي المجلس الموقر إذا طالبناه بأن ينظر إلينا ولو من باب إثبات وجوده وتأكيد شرعيته؟!!