المصريون
ابو الحسن الجمال
الدكتور عبدالفتاح الحسينى الشيخ
ودعت مصر يوم السبت غرة شهر ذى القعدة 1434هـ الموافق السابع من شهر سبتمبر 2013، العالم الأصولى الجليل الأستاذ الدكتور عبدالفتاح الحسينى عبدالفتاح الشيخ، بعد رحلة مع العلم استغرقت ما يقرب من ستة عقود، تولى رئاسة جامعة الأزهر فى فترة حالكة، نشطت فيها العلمانية والشيوعية، ينحاز إليهم الحاكم المستبد الذي كان يقابل هؤلاء بلا أدنى تكليف ويفتح لهم الصحف والقنوات التليفزيونية على مصراعيها، ويمنحهم الجوائز الرفيعة، كان الأزهريون بقيادة الإمام الأكبر جاد الحق على جاد الحق يتميزون حنقا على هؤلاء الذين أشاعوا الأراجيف وأحيو المطبوعات القديمة التى تهاجم الإسلام مثل كتاب "الإسلام وأصول الحكم" لعلى عبدالرازق، وكتاب "فى الشعر الجاهلى" لطه حسين، وكتب فرح أنطون، وقاسم أمين فى سلسلة خصصوها لهذا الغرض، وكلف الإمام الأكبر جاد الحق جنوده المخلصين من العلماء والمفكرين لإلجام هؤلاء بالرد المفحم، وكانوا جميعاً تحت إمرة الدكتور عبدالفتاح الشيخ. وعندما خر الاتحاد السوفيتى صريعاً فى مطلع التسعينيات، استضاف الدكتور الشيخ فى رحاب جامعة الأزهر مؤتمرا عالميا بعنوان "الإسلام فى أسيا الوسطى والقوقاز"، عرف من خلاله بالجمهوريات الإسلامية فى الاتحاد السوفيتى التى عادت إلى أحضان العالم الإسلامى بعد غربة دامت أكثر من سبعين عاما.. عانت فيه هذه الدول من الإرهاب الأحمر والتقتيل والنفى والإجبار على الإلحاد، وحولت المساجد هناك إلى اصطبلات ومخازن، فعمل الأزهر بقيادة شيخه وجنوده من الأستاذة والشيوخ والطلاب والباحثين على إبراز الدور التاريخى والحضارى والأطروحات المستقبلية فى هذه الدول العائدة. وقد ولد الدكتور عبدالفتاح الشيخ، ولد عام 1935، بمركز بسيون بالغربية، والتحق بالكتاب، التحق بالأزهر الشريف وكان طوال سنى دراسته من المتفوقين البارزين، وعندما حصل على الشهادة الثانوية التحق بكلية الشريعة والقانون وتخرج فيها عام 1963 بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف، ثم عين معيدًا في جامعة الأزهر بعد تطوير الجامعة في عهد الدكتور محمد البهي، رئيس الجامعة، فى عام 1965حصل الشيخ على دبلوم في أصول الفقه، وآخر في تاريخ التشريع الإسلامي، ثم حصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف الثانية ثم عين مدرسًا بالكلية. وفي عهد الدكتور محمد حسن فايد، رئيس الجامعة، تم إسناد الإشراف له في تدريس المواد الإسلامية لطلاب الثانوية العامة الذين كانوا يلتحقون بجامعة الأزهر، حتى جاءت فرصة لإعارته بسبب خلاف بينه وبين رئيس الجامعة لمدة 4 سنوات، وفي عهد الدكتور محمد الطيب النجار، رئيس الجامعة، تم إسناد عمادة الشريعة والقانون بالقاهرة له بجانب كلية الشريعة فى طنطا حتي كان الدكتور الطيب النجار يمازحه قائلاً: "يا صاحب العمادتين"، وتولى رئاسة جامعة الأزهر منذ عام 1987 ولمدة 8 سنوات، ونقلها من حال إلى حال آخر. تميز في آرائه وأفكاره ورئاسته للجامعة ووقوفه بحزم وجدية وحيادية في وجه الفكر المغلوط والآراء المتحيزة والخروج بالفكر عما هو منوط به إلى قلب الحقيقة، وكان من آراءه أن الهجوم علي القضاء أمر غير جائز علي الاطلاق لأننا إذا هدمنا القضاء هدمنا ركنا من أركان الدولة لأن الدولة تقوم علي ثلاث سلطات: التشريعية- التنفيذية- القضائية.. وفى هذا يقول : "إن السلطة القضائية أهم عندي من السلطتين التشريعية والتنفيذية لأن السلطة القضائية هي التي تفصل بين الهيئتين وتبين أيهما يعتدي علي القانون وبالتالي هي علي رأس السلطتين الآخريين.. فالسلطة القضائية التي تحكم بيني وبينك وما يجري بينك وبيني من نزاع سواء أكان النزاع جنائيا أم مدنيا.. فالهجوم علي القضاء أمر يجب أن يكف عنه كل الناس". كما رفض أن يكون للتيارات الدينية مساهمة في تطوير قانون الأزهر وقال: "الأزهر فيه رجاله ولن يسمح بالاعتداء علي الأزهر ويأتي أناس من خارج الأزهر ليطوروا الأزهر.. الأزهر فيه رجاله وفيه مجموعة من الكفاءة والقدرة وأرفض تدخل أي أحد مهما كان في شئون الأزهر أو تطويره". كما كان له تفسير مسئول حول مسألة النقاب الذى ظنه البعض عادة وليست عبادة فأعمل ضميره العلمى وصدع بالحق، وقال إن بعض الفقهاء والمذاهب الفقهية تؤكد وجوبه حيث تعتبر ان وجه المراة عورة وهو الراي الراجح عند الشافعية، وقال إن الحديث الذي يجيز للمراة إظهار الوجه والكفين هو حديث فيه ضعف وأنه اذا كان جمهور الفقهاء يرون أن تغطية وجه المراة ليس بواجب .. إلا أن كل الفقهاء يتفقون علي أن المراة إذا كانت شديدة الجمال وجب عليها ارتداء النقاب مخافة أن يكون في اظهار وجهها فتنة للرجال وهو ما يعني أن هناك فئة من النساء يكون النقاب واجباً عليهن باتفاق العلماء، ويشير إلي أن معظم الفقهاء حتي وإن اعتبروا أن النقاب غير واجب إلا أنهم اعتبروه فضيلة من الفضائل أي أن حكم النقاب يدور بين كونه واجباً أو فضيلة ..مؤكدا ان الفضائل لا يجوز منع الانسان من فعلها بعكس الرذائل التي من الواجب منعها لذلك يصبح من الاولي منع السفور والعري وليس منع النقاب. وقد صدر له العديد من الأعمال العلمية, وشارك في كثير من المؤتمرات والهيئات العلمية, ومؤتمرات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف, والمجلس الأعلي للشؤون الإسلامية بالقاهرة, والرابطة العالمية لخريجي الأزهر.. رحمه الله رحمة واسعة...

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف