المساء
نبيل فكرى
مساء الأمل .. عندما غني "الامام"
لايغرنك العنوان. فهو ليس إماماً يؤم الناس في الصلاة لكنه الدكتور محمد رفعت الامام عميد كلية الاداب بجامعة دمنهور. والذي شارك طلابه احتفالية ما وغني معهم "طالعة من بيت أبوها.. رايحة بيت الجيران" . ومن وقت ان غناها قامت الدنيا ولم تقعد خاصة علي مواقع التواصل الاجتماعي وصوروا الرجل وكأنه ارتكب جريمة وتقريباً لم أجد تعليقاً واحداً يوافق الرجل علي ما أقدم عليه. وهنا عند الناس.. تكمن المشكلة والمعضلة وليس عند الدكتور رفعت الذي لم يكن يغني في مدرج. ولا في مكتب. وإنما امام الكلية وفي جمع من الطلاب يعلم انهم يصورونه هل نحن في معرض الكلام عن الغناء كغناء. وهل هو حلال أم حرام. أم ان المشكلة في أن من يغني هو العميد. وهل بالامكان ان نسمي ما حدث من عميد الكلية تجاوباً مع الطلاب وتواضعا أم خروجاً عن النص وعن المألوف وما هو النص الذي ليس بإمكاننا ان نخرج عنه. وهل كل "الخروج" جريمة وهل كل "النصوص" لاتحتمل الخروج عليها.
الدكتور محمد رفعت الامام فنان أكثر منه استاذ أكاديمي. وأفضل ما كتبه علي الاطلاق كان عن الصورة وهو كتابه "فن الصورة" كما انه آسر عندما يتحدث في الفن وهو مؤرخ فني لايشق له غبار. ويروي عن نفسه أنه عندما كان صبياً كان بحاجة إلي أغنيتين لتكتمل لديه المجموعة الكاملة للفنان فريد الاطرش فراسله علي بيته وبعد أيام ارسل له شقيق الفنان الكبير. المجموعة الكاملة لفريد علي مكتب بريد القرية فذهب وتسلمها مع أبيه.
الرجل وهو يشارك الطلاب فرحتهم كان مستمتعاً بذلك وحركة يديه مع الايقاعات كانت لمايسترو ضل طريقه إلي العمل الاكاديمي. وأحسب لو أن الامر بيديه لغني علي مسرح بصرف النظر عن حلاوة صوته.. كلنا فينا هذه الرغبة التي لانستحضرها إلا في "الحمام" ونضن بها حتي علي أبنائنا فنخجل ان نغني أمامهم.
وبمناسبة غناء المشاهير أو رجال الدولة أو المسئولين يحضرني تقرير لـ "صوت روسيا" كشفت فيه عن مواهب الزعماء وحبهم للغناء فباراك أوباما الرئيس الامريكي السابق عرض أكثر من مرة امكانياته الموسيقية خلال حملته الرئاسية كما قام بأداء بعض الاغاني مع نجوم الفن هناك مثل ميك جاغر وبي بي كينغ. والرئيس الروسي بوتين. غني في أمسية خيرية حضرها بمدينة سان بطرسبرج. والسياسي الايطالي الشهير سيلفيو بيرلسكوني له ألبومات غنائية في السوق بصفته مؤلفاً وأحياناً يغني والغناء كان جزءاً لايتجزأ من حياة الرئيس الفنزويلي السابق هوجو تشافيز الذي غني ذات مرة أثناء زيارة رسمية إلي موسكو أمام طلبة جامعة الصداقة والرئيس الاوكراني يعزف علي الجيتار ويغني أمام الجمهور ورئيس بيلا روسيا يعزف علي الاوكورديون ونور نزار سلطان رئيس جمهورية كازاخستان. يغني ويعزف علي آلة العود.
إذن نعود من حيث بدأنا: من أي منظور ننكر علي "الامام" الغناء؟.. إن كان لاعتبارات المسئولية فأكثر منه مسئولية غنوا. وإن كان للحفاظ علي المسافة بينه وبين طلابه. فدعوا ذلك للطلاب.. أما إن كان ذلك من منظور ديني- وأحسبه كذلك- فاسألوا أهل الذكر. وحتي تعلموا. لا تغنوا أنتم ولا تسمعوا. والحمد لله أن الرجل غني "طالعة من بيت أوبها" ماذا لو غني "حط النقط علي الحروف.. قبل ما نطلع سوا ع الروف".

ما قبل الصباح:
في شوارع يسكنها الضجيج وتنام البذاءة يبدو الغناء إحدي الاماني
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف