المستشار محمد محمد خليل
خواطر مصري .. فلسطين والمستقبل العربي
فلسطين قضية الأمة العربية كلها. يتولاها الأستاذ الصحفي عبدالعال الباقوري. يذكرنا بها دائماً مهموماً بها ودائم الحديث عنها بمقالاته في العدد الأسبوعي من جريدة الجمهورية. شرحها وأوضحها وتتبع جذورها في كتابه القيم والرائع "فلسطين والمستقبل العربي" الصادر عن دار الجمهورية. تزينه مقدمة ضافية جامعة لرئيس تحرير كتاب الجمهورية الكاتب المثقف والموسوعي الأستاذ سيد حسين الذي عودنا دائماً بكتابة مقدمات كتب السلسلة تنم عن اطلاع وفير وثقافة فياضة لا يستطيع القارئ الغوص في ثنايا الكتب دون أن يقرأ تلك المقدمات مستمتعاً بما فيها من معلومات غزيرة.
تناولت المقدمة المسألة الفلسطينية وأثرها في التاريخ والسياسة الحديثة مستشهداً بأداء العديد من الكتاب العرب والأجانب يلقي الضوء علي أهمية القضية الفلسطينية وأثرها في فكر حاكم مثل جمال عبدالناصر والشعوب العربية.
مما يثير إعجابك فيما كتب أنه كيف تيسر لهذا المفكر الشاب أن يلم بكل هذه القراءات في موضوع واحد. وهو ما فعله المؤلف أيضا الذي ما غفل أبداً عن الحديث في قضية فلسطين وما حولها إذ أنها محل اهتمام بالغ منه مما يثبت في يقيننا ان كاتبا مخلصاً مثله لم ينس قضية فلسطين كما نسيها معظم الكتاب والسياسيين. كتاباته تفيض في الحديث عن فلسطين النكبة والحل والكفاح والصراع. المفاوضات. والشجب والحوار والهرولة إلا أنه في هذا الكتاب تناول المشكلة من أساسها. وألقي الضوء علي جذورها. ولم يفصل بينها وبين الحروب الصليبية في القرن الحادي عشر والثاني عشر الميلادي ومحاولات الغرب احتلال الشام وفلسطين وبيت المقدس علي وجه الخصوص. وما آلت إليه الأحداث باحتلال الأرض وطرد أهلها ليحل محلهم اليهود بمؤتمرات انتهت بإلغاء مؤتمر سنة 1897 بسويسرا علي يد هرتزل حتي قيام إسرائيل ووقوع النكبة وصولاً إلي آخر حرب خاضتها الأمة ضد الكيان الصهيوني أكتوبر .1973
ربط الأحداث وتطورها ربطاً جيداً وواضحاً ومحققاً ناجحاً كيف كانت الحروب الصليبية تقوم لاحتلال هذه المناطق اعتقاداً أن في ذلك ارضاء للسيد المسيح ورفعة الصليب. وروج مفكرو الغرب أن الطريق إلي القدس لا يكون إلا بافقار الشعب المصري وتجويعه وأن مصر هي مفتاح الشرق العربي. وعن طريقها يمكن أن يمتنع عليهم احتلال الشام. كما يمكن لهم احتلالها وفقاً لنجاحهم في اضعاف الأمة المصرية. وفي العصر الحديث أضافوا أن العمل الجدي لاحتلال فلسطين هو إنشاء وطن قومي لليهود في أرض الميعاد. وبتخطيط انجليزي. وتدعيم أمريكي زاعمين أن المسيحي الحق هو من يعاون اليهود ويقف بجوارهم. ويسعي لحمايتهم كما دأب اليهود الصهاينة علي دراسة الحركة الصليبية وبحث أخطائها ليحرلوا دون اخفاقهم وهو ما جاء علي لسان قواد الحركة الصهيونية أمثال شيمون بيريز. بنيامين نتنياهو واسحاق رابين.
في سبيل المقاومة والمرافعة والعمل الوطني الجاد الذي يعيد الحق إلي أصحابه تحدث في ثنايا الفصل الرابع من ذلك الكتاب عن حتمية دراسة المجتمع اليهودي. وبحث عوامل القوة والضعف فيه مع أهمية التقدم الاقتصادي في مصر والتقدم العلمي والبحثي علي أعلي مستوي يذكرنا ذلك بالأصوات التي ارتفعت عقب هزيمة 1967 تنادي بالعمل علي معرفة اليهود تحت عنوان اعرف عدوك.. ساهم في هذه الحملة عدد كبير من مثقفي الأمة أشهرهم المرحوم محمود عوض الذي لخص كثيراً من كتابات اليهود الصهيونيين وكذا المرحوم أنيس منصور وأظنه هو صاحب فكرة اعرف عدوك.