الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. الضمير في اجازة طويلة !!
اقترح الأخ الصديق صلاح منتصر في "اهرام الأربعاء الماضي" اضافة بند جديد علي قانون الكرة مفاده أنه يجوز للحكم عند إثارة شكوك كبيرة حول لمسة يد لم يرها الحكم ولا مساعده ارتكبها أحد اللاعبين في منطقة الجزاء. أن يستدعي اللاعب المتهم بالخطأ والاحتكام لضميره!!!! فإذا اعترف اللاعب بالخطأ احتسبت ضربة الجزاء مع اعفاء اللاعب نتيجة صدقه من الانذار أو الطرد.... وإذا نفي اللاعب الخطأ ثم ظهر في صور الشاشات يقرر الاتحاد وقف اللاعب ثلاث مباريات وتوقيع غرامة مناسبة..
"* * *"
يا عم صلاح.. ضمير ايه؟؟؟... الضمير في اجازة منذ مدة طويلة.. الزمن الجميل معني إنساه وإنساني عمر الزمان ما حيرجع تاني.....
الناس ــ كل الناس ــ تتهمني بتحيزي للزمن الماضي... طيب اسمح لي أن أروي لك ولهم ما حدث زمان في نفس هذه الوقائع. كان هناك لاعب ولا كل اللاعبين مهارة وفن وتهديف.... وقبل وبعد ذلك الأخلاق والتدين... اسمه بدوي عبدالفتاح.... كنا في الأهلي نستدعيه ليلعب مع الفريق في كل المباريات الأجنبية الحبية سواء في مصر أو في الخارج... في مباراة ما... مباراة رسمية في الدوري العام بين الترسانة حيث يلعب بدوي ونادي السويس علي ملعب الترسانة القديم علي النيل مكان السيرك القومي ومسرح السامر ــ الآن ــ والحكم مصطفي كامل منصور.... بعد المباراة في حجرة الملابس.. بكل أدب وهو في منتهي الخجل.. ذهب بدوي للحاج منصور وقال له:
.. هناك واقعة ثقيلة علي قلبي لكتمانها.. الهدف الذي أحرزته خطأ ولا يصح احتسابه..... الكرة مزقت الشبكة من الجنب والكرة أصلاً أوت.
اتجنن الحاج مصطفي واكمل ملبسه بسرعة وشد بدوي وذهبا إلي الملعب وبالمعاينة وجدا فعلاً الشبكة ممزقة من الجنب من بعد خط الملعب... هذه الكرة دخلت من الأوت مائة في المائة...
كتب الحاج مصطفي في تقريره الواقعة بالتفصيل وطلب اعادة المباراة.... وكانت لها ضجة إعلامية كبري.... حتي أن جمال عبدالناصر قرر اهداء نيشان الرياضة من الدرجة الأولي لبدوي عبدالفتاح.... قام أمين قصر عابدين بتقليد بدوي النيشان في الملعب قبيل بدء المباراة المعادة....
"* * *"
شُفت يا عم صلاح...
شُفت أولادنا بتوع زمان... الذين كانوا يلعبون بقروش.... كانت هواية وحب وأخلاق..... "أخلاق القرية بتاعت السادات"!!!!!....
المباراة انتهت.. والنتيجة تقررت.... المولد انفض في حجرة الملابس.... ولكن ضمير اللاعب لم ينام.... لم يرتاح.... ألح علي صاحبه طوال المباراة.... ثم ساقه ضميره في آخر لحظة إلي الحكم يروي له بأمانة ماحدث.... رغم انتهاء كل شيء.....
الدنيا كانت دنيا.... الدنيا ذهبت إلي كوكب تاني.... الإنسان فيه لسّه إنسان.....
"* * *"
ــ هل تريد مثالاً آخر؟!!
ــ علي خليل هداف الزمالك.. الكرة عالية من أحد الجانبين.. قفز ووضعها في المرمي.... هدف.. والكل يجري نحو علي خليل وهو في حالة غريبة ليس هو الهداف الذي يقفز ويتشقلب عقب كل هدف.... وقف مكانه مذهولاً مضطرباً.... ويبعد زملاءه عنه... لم يسجد وغيره هو الذي سجد وبعد ثوان ذهب إلي الحكم أحمد بلال وقال له:
ــ عاوز اعترف لك بأنني أحرزت الهدف بيدي اليسري التي كمانت بجوار رأسي.
انتقل الصمت والذهول من علي خليل إلي الملعب كله... الكل صامت قطعاً وعلي خليل يشرح لبلال كيف مرت الكرة من أمام رأسه ولذا أصابع يده اليسري قامت بالمهمة.... مع اصرار علي أن هذا هو الذي حدث!!!
لم ير أحد قط في الملعب كله يد علي خليل وهي تسقط الكورة داخل المرمي.... ومع ذلك ضميره لم يسمح له بأن يأخذ ما ليس له....
ــ تري.... متي يعود الضمير؟؟؟
ــ عندما يسود العدل!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف