عائشة عبد الغفار
مصر وأوروبا : جسر من العلاقات الإستراتيجية
آبرزت زيارة سامح شكرى وزير الخارجية لبروكسل أهمية المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى فى ضوء المرحلة الدقيقة الى يمر بها العالم والمنطقة، وفى تقدير السفير
رءوف سعد ـ رئيس المكتب الوطنى لاتفاقية المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى وسفير مصر الأسبق فى كل من بلجيكا وروسيا فإن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى تتجه نحو مستقبل أفضل فى ضوء الجهود التى بذلت على مدى العام الماضي، للتوصل إلى اتفاق بشأن وثيقة أولويات المشاركة الذى يعكس رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030. فبعد سنوات صعبة مرت بها العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى منذ عام 2011، إلا أن هناك يقينا بأن المصالح بين مصر ومنطقة الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبى مرتبطة ارتباطا وثيقا وحيويا وهناك حزمة من المصالح تجمعهم، ولاشك أن التطورات الاقتصادية فى مصر أصبحت تشكل جسرا استراتيجيا فى علاقات التعاون بين مصر الجديدة والاتحاد الأوروبى أول شريك تجارى لمصر.
ولاشك أن اكتشاف الغاز الطبيعى فى مصر أوضح للخبراء الأوروبيين أن مصر سوف تصبح إحدى كبرى مصدرى الطاقة إلى الاتحاد.. إلى جانب اهتمام أوروبا بمشروع تنمية منطقة قناة السويس المركز الرئيسى للتجارة والصناعة والخدمات بين القارة العجوز ومصر لينطلق النشاط إلى شرق إفريقيا وجنوب آسيا ودول الخليج وغيرها من المشروعات العملاقة والصغيرة التى حددتها الوثيقة الاستراتيجية للتنمية المستدامة عام 3030، والتى اطلقها الرئيسى السيسى فى 24 فبراير 2016، ولاننسى أن موجات الإرهاب التى تعرضت لها ضفتي المتوسط فى السنوات الأخيرة والأزمات التى تعرضت لها منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا والتى تسببت فى نزوح اعداد هائلة من المهاجرين إلى أوروبا حث الاتحاد الأوروبى إلى اعتبار مصر ركيزة الاستقرار فى المنطقة والشريك الاستراتيجى الأكثر إيجابية.
كل هذه الحيثيات أخذت بعين الاعتبار خلال مفاوضات امتدت على نحو عام كامل بين وزارة الخارجية المصرية والاتحاد الأوروبى من أجل الاتفاق على وثيقة اولويات التعاون للسنوات الثلاث المقبلة 2017/ 2020.
إن هذا التقدم لايعنى انعدام الخلافات حيث يستمر الحوار حول قضايا حقوق الإنسان والمجتمع المدنى ولقد أشار إليها الرئيس السيسى خلال اتصالاته مع الزعماء الأوروبيين والوفود البرلمانية الأوروبية ولكن فى اطار روح تتيح فرصة بأن يختلف الطرفان دون أن يتوقف التعاون. ولاشك أن زيارة إنجيلا ميركل لمصر كانت تعبيرا مهما عن الاهتمام الذى توليه ألمانيا والاتحاد الأوروبى إزاء تطوير العلاقات مع مصر فى مختلف المجالات، خاصة فى مجالات مكافحة الإرهاب ومعالجة قضية الهجرة وتصحيح الخطاب الدينى وهى المبادرة الشجاعة التى أطلقها الرئيس السيسى لمكافحة التطرف وتدعيم جهود أوروبا فى مواجهة تصاعد التيارات اليمينية المتطرفة والتى تريد بعضها الوصول إلى سدة الحكم فى بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا. ولا شك أن علاقات المشاركة قد تشكل عاملا مساعدا فى تدعيم مفهوم الوحدة الأوروبية وبالذات بعد قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد وتنامى التيارات اليمينية.. كل ذلك أكسب غداء العمل الذى دعت إليه فريد يريكا موجيرينى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى أهمية بالغة تمهيدا لعقد مجلس المشاركة على مستوى وزراء الخارجية فى الربيع القادم والذى سوف يعتمد وثيقة الأولويات بين الاتحاد ومصر ولذلك اتاحت زيارة وزير الخارجية سامح شكرى لبروكسل الفرصة فى إجراء محادثات صريحة مع نظرائه الأوروبيين لمختلف مجالات التعاون وكل ما يكون أيضا موضع اختلاف بين الجانبين.. ولقد تواكبت تلك المحادثات المهمة بين شكرى ونظرائه فى مرحلة سياسية واقتصادية مهمة من تاريخ مصر وتطلعنا لبناء الدولة الديمقراطية العصرية التى تحكمها الاصلاحات السياسية المستمرة والاصلاح الاقتصادى الجرىء الذى لا يمكن أن تكتمل لديه عناصر النجاح دون الدعم الدولى عامة ودعم الاتحاد الأوروبى خاصة.
ولا شك أن الدبلوماسية المصرية تبذل جهدا جبارا مع الاتحاد الأوروبى بعد استحداثه لما يسمى سياسة الجوار الأوروبية أى دول الجوار الشرقى والجنوبى الذى يضم مصر كما يقول السفير الاقتصادى المخضرم رءوف سعد، والذى خصص لمجموعة هذه الدول 15 مليار يورو للسنوات الثلاث القادمة، حيث سيتم اعتماد حصة كل دولة وفقا للمشروعات والبرامج المؤهلة للحصول على مساعدات أوروبية..