أحمد السرساوى
ده الهرم .. و ده النيل .. وحكاية التجسس لإسرائيل !!
شبكة »عوفاديا» .. هي خلية تجسس من تسعة أفراد كشفت عنها أجهزة المخابرات المصرية وقدمت ملابساتها لنيابة أمن الدولة العليا ، فقضت فيها محكمة جنايات العريش منذ يومين فقط بالمؤبد علي كل أعضاء الشبكة.. اثنان حضوريا والباقي غيابيا.
ومن المثير أن »داني عوفاديا» المنسوبة إليه الشبكة.. هو الضابط المسئول عن العملية في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية »أمان» ، و هو ابن شقيق الحاخام الأكبر السابق لليهود السفارديم أو الشرقيين عوفاديا يوسف، وكان الزعيم الروحي لهم ومؤسس حزب شاس المتطرف في دولة الكيان.. والمفارقة هنا أن الحاخام عوفاديا توفي يوم 7 أكتوبر 2013، و هو نفس التاريخ الذي تم القبض فيه علي أعضاء بالشبكة.. في الذكري الأربعين للاحتفال بهزيمة الجيش الاسرائيلي في حرب يوم كيبور.. الاسم الذي يطلقونه علي يوم العبور وانتصارات أكتوبر المجيدة للجيش المصري.
لكن الأكثر إثارة هنا أن تخرج علينا صحيفة »ها آرتس»الاسرائيلية ـومعناها الأرض بالعبريةـ ، قبل إعلان الحكم مباشرة بقصة »ساذجة» من خلال محررها للشئون الاستخباراتية عوفر أدرات تدعي بأن رفعت الجمّال المشهور بـ »رأفت الهجّان» كان عميلا مزدوجا يعمل لصالح اسرائيل، و أن الجمّال الذي قدمه مسلسل تليفزيوني شهير كبطل اخترق المخابرات الإسرائيلية كان يعمل في الواقع لصالح تل أبيب!!
و رغم أن القصة لا تستحق الرد عليها لضعفها وتهافتها لعدة أسباب أهمها أن الجمّال نفسه أورد الحقيقة كاملة في وصيته التي طلب الا تُنشر إلا بعد وفاته ، كما أن الأسرار الكثيرة التي قدمها للمخابرات العامة المصرية قبل أكتوبر 1973، كانت مما يُطلق عليها »معلومات استراتيجية» أي خطيرة وبعيدة الأثر، ونحن نتفهم بالطبع أسباب نشر مثل هذه الخرافات في هذا التوقيت لرفع الروح المعنوية و»تجميل» صورة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية للتغطية علي إخفاقاتها المتكررة بأكثر من عملية في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد كل مرة تنجح فيها أجهزة مخابراتنا في إسقاط عملائهم من الخونة والمتآمرين.
و هو ما يُذكرني دائما بالمشهد الرائع والأخير من فيلم »الصعود إلي الهاوية» الذي كتبه الراحل العظيم صالح مرسي من سجلات الأمن القومي وأخرجه كمال الشيخ عن العملية البارعة للقبض علي العميلة »هبة سليم» التي جسدت شخصيتها بمنتهي الروعة الراحلة مديحة كامل، وضابط المخابرات المصرية الذي جسد شخصيته المبدع الفنان محمود ياسين يقول لها ، بينما تحلق الطائرة فوق القاهرة »ده الهرم.. و ده النيل.. دي مصر يا عبلة».. نعم »دي مصر العظيمة يا كل الخونة»