سوف يؤدى نائب البرلمان إسماعيل نصر الدين، خدمة كبيرة للمصريين، إذا سحب مذكرته إياها التى راح يمررها على زملائه الأعضاء، الأسبوع الماضى، بهدف الحصول على توقيعاتهم عليها.
قال النائب لوسائل الإعلام، التى سألته عن مذكرته، إنه يريد بها أن يحصل على عدد من التوقيعات يكفى لتعديل بعض مواد الدستور، وأن هذه المواد ثلاث: واحدة خاصة باختصاصات مجلس الدولة، وأخرى خاصة بالوظيفة التى يجب الاحتفاظ بها للنائب فى أثناء فترة عضويته، وثالثة تتعلق بمدة فترة الرئاسة فى الدستور.
أما اختصاصات مجلس الدولة، فلا أحد يعرف ما الذى يقصده النائب فيها بالضبط، فنحن لم نسمع عن أن اختصاصات المجلس تواجه مشكلة، ولم نسمع أن أحدًا داخل المجلس، أو حتى خارجه، قد طالب بتعديل دستورى لمواجهة هذه المشكلة.. لم نسمع بعد.. وبالتالى فإن الحديث عن تعديل مطلوب من أجل مجلس الدولة، يبدو وكأنه خلق لمشكلة من لا مشكلة.
وأما حكاية الوظيفة التى يجب الاحتفاظ بها للنائب.. أى نائب.. فى أثناء فترة العضوية، فهى مسألة غير مفهومة بالمرة، لأن الأمر يبدو وكأن الذين وضعوا الدستور، لم يكونوا يعرفون أن موظفين سوف يدخلون أعضاء فى المجلس، وأن على الدستور أن يراعى ذلك فى واحدة من مواده، وأن مادة كهذه لن تكون جديدة، ولا فريدة، ولا بدعة، لأن كل الدساتير السابقة قد عرفتها.
إنها مادة لم تكن فى حاجة إلى أى جهد من أى نوع، لأن كل ما كان مطلوبًا بشأنها، إنما هو نقلها بنصها من الدستور السابق إلى الدستور الحالى.. لا أكثر !.. إن الكلام الآن عن حاجتنا إلى تعديل دستورى للتعامل مع النواب الذين كانوا موظفين، قبل أن يصيروا نوابًا، يجعلنا وكأننا عندما وضعنا دستور ٢٠١٤ الحالى، كنا نضع دستورًا للمرة الأولى فى تاريخنا.
فإذا ماجئنا للمادة الثالثة التى يرغب أخونا النائب فى تعديلها، والخاصة بفترة مدة الرئاسة، فهى فى الحقيقة آخر المواد التى علينا أن نفكر مجرد التفكير فى إدخال أى تعديل عليها، لا لشىء إلا لأن الشخص الذى تعنيه هذه المادة، وهو السيد الرئيس، سبق أن أعلن فى أكثر من مناسبة عامة، أن أهم ميزة فى دستورنا القائم، أن الحاكم فيه لم يعد فى مقدوره أن يبقى فى مقعده يومًا واحدًا بعد انتهاء مدته، وكانت آخر مناسبة عامة أكد فيها الرئيس على هذا المعنى، هى مؤتمر الشباب الذى انعقد فى شرم الشيخ، آخر أكتوبر الماضى.
عندما يؤكد الرئيس على معنى كهذا، مرة، ومرتين، وثلاثًا، فلا مبرر أبدًا للمزايدة عليه هو نفسه، ولا يمكن أن يرى الرئيس أن الدستور يضع أربع سنوات، حدًا أقصى للفترة الرئاسية، وثمانية أعوام حدًا أقصى للمدة الإجمالية التى يجوز أن يقضيها هو، أو أى رئيس سواه، فى كرسى الرئاسة، وعندما يرى أن تلك هى الميزة الأكبر فى دستورنا، فلايجب، أولاً، أن نزايد عليه، ولا يجب ثانيًا، أن نأتى نحن بحُسن نية، أو بسوء نية، ونجرد الدستور من الميزة الأهم فيه.
وإذا أراد النائب نصيحة مخلصة لوجه الله، فهى أن يسحب مذكرته، وأن يكفى على الفكرة كلها ماجورًا، لأن حسابه أمام التاريخ سيكون عسيرًا، إذا ما جرى تعديل مادة الرئاسة بالذات على يديه، وبسبب منه.
إننا نستحق أن يكون عندنا رئيس سابق يعيش فى بيته.