بعد 6 سنوات من الشد والجذب، ومعارك من محكمة إلى أخرى، انسدل الستار أخيرًا على قضية قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير.
الستار أغلق لكن ليس بمعاقبة الجانى والقصاص للقتلى، ولكن ببراءة المتهم الأخير، فالقضية التى بدأت مراحلها الأولى بعشرة متهمين هم «الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ونجلاه جمال وعلاء، وحبيب العادلى وزير داخليته و6 من معاونيه»، استمرت خلال مراحلها على ديدن تبرئة المتهمين واحد تلو الآخر حتى انتهت بتبرئة الرئيس المخلوع أو آخر المتهمين.
لا يملك أحد أن يعقب أو يعلق على حكم محكمة ولكن ما يجب هنا هو توثيق أحداث المحاكمة التى عرفت إعلاميًا وشعبيًا بمحاكمة القرن، خاصة أن أى محكمة فى الدنيا تحكم وفق ما أمامها من أوراق وشهادة شهود.
«الصباح» ترصد القائمة الكاملة لشهود النفى فى القضية والذين كانوا من الأسباب الرئيسية لصدور الحكم ببراءة مبارك.
• المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى الأسبق ووزير الدفاع فى عهد مبارك.
• الفريق سامى عنان رئيس أركان القوات المسلحة فى عهد مبارك.
• اللواء عمر سليمان نائب مبارك.
• اللواء مراد موافى مدير المخابرات الأسبق.
• العقيد أيمن فهيم، قائد الحرس الجمهورى بفترة حكم الرئيس الأسبق مبارك.
• اللواء منصور العيسوى واللواء محمود وجدى وزيرا الداخلية الأسبقين.
• اللواء حمدى بدين، قائد الشرطة العسكرية الأسبق.
• الإعلامى إبراهيم عيسى.
• الشاهد الثانى والثالث والرابع فى القضية، وهم على الترتيب الرائد عماد بدرى سعيد ضابط اتصال بغرف عمليات الأمن المركزى، والنقيب باسم محمد حسن الضابط بغرفة عمليات رئاسة الأمن المركزى، والرائد محمود جلال المعين بمحطة كهرباء معروف بشارع رمسيس. ولهؤلاء الشهود الثلاثة قصة مثيرة للجدل فهم طبقًا لأقوال النيابة التى باشرت التحقيق كانوا ضمن شهود الإثبات إلا أنهم خلال جلسة المحاكمة فى 5 سبتمبر 2011 تحولوا لشهود نفى مبرئين المتهمين من قتل المتظاهرين.
أهم الشهادات
• شهادة طنطاوى
قال المشير طنطاوى فى شهادته، إن ما حدث فى السويس هو عبارة عن مظاهرات واشتباكات مع الشرطة، وكل هذه الاشتباكات تعتبر أعمالًا غير قانونية، غرضها تخريب مصر، ولكن هناك بعض المتظاهرين كان لديهم مطالب يريدون الحصول عليها بالتظاهر، ولكن فيما بعد وقعت مظاهرات عنيفة أدت فى النهاية إلى خراب مصر.
وبخصوص وجود قناصة فى الميدان قال: «هذا الموضوع لم يحدث لأن قادة المنطقة المركزية، كانوا يخبروننى بما يحدث فى البلاد بتقارير دورية، أكدوا فيها وجود عناصر تسببت فى وقوع شغب، بعضهم كان على أسطح المنازل، كما سمعت أن العناصر الإخوانية قامت بقنص المتظاهرين والمنتمين لعدة فصائل، وأن عناصر الإخوان هى التى دعت للأعمال التى تمت، وأن مبارك لم يأمر بإطلاق النار على المتظاهرين».
• شهادة عنان وموافى
أما الفريق سامى عنان فقال: «انسحاب الشرطة كان نتيجة الضغط النفسى عليها، ورئيس الجمهورية لا يعطى أوامر للضرب واستخدام العنف، ولم يصدر أى قرار ناتج عن الرئيس حسنى مبارك باستخدام العنف والضرب مع المتظاهرين».. وأضاف عنان: «مبارك لم يصدر أى قرار لأى أحد بوقف نزيف الدماء، التى حدثت فى أحداث يناير»، وذلك عندما سئل عن تدخل الرئيس الأسبق بأى صورة لوقف نزيف دماء المصابين، والكف عن مزيد من الانفلات.
أما اللواء مراد موافى فقال فى شهادته: «كان هناك تجنيد لعناصر مصرية من بعض الدول الأخرى، وكانت أهداف هذه العملية غير نبيلة وهى تغيير شكل المنطقة وسقوط أنظمة وظهور أنظمة أخرى، وتقسيم المناطق العربية كما يحدث حاليًا».
وردًا على سؤال حول الإصابات، أجاب موافى، «الإصابات كانت مثل ما حدث فى أوكرانيا وإحنا درسنا أزمة مصدق فى إيران، وتبين أن ضربات الشرطة كانت طلقات فشنك فى نفس الوقت، الذى كان هناك مسلح متخفٍ، وده أسلوب متبع من سنة 53، لإفشال النظام وإحداث أزمة فى وزارة الداخلية وحرق الأقسام».
•القيادات
«ما حدث أكبر من المؤامرة، بل هو مخطط» هذه كانت كلمات العقيد أيمن فهيم، قائد الحرس الجمهورى الأسبق، والتى وصف بها ثورة يناير، وأضاف: أن المخطط كان تكرارًا لما حدث فى يوغوسلافيا.... ومن رؤيتى أن ما حدث مؤامرة استخدمت فيها أمريكا الإخوان، وهم مصريون فى البطاقة فقط، وكل ميولهم تخدم جماعتهم فقط، وأهدافهم تلاقت مع هدف الولايات المتحدة، وكانوا مجرد أداة». أما عمر سليمان فرد على سؤال للمحكمة حول ما إذا كان الرئيس الأسبق أصدر أمرًا بالتعامل مع المتظاهرين.. وقال: «لم يصدر أمرًا، ولا علم لى باتصال حدث من الرئيس بوزير الداخلية، وطبقًا لمعلومات المخابرات فإن قوات فض الشغب لا تتسلح بالأسلحة النارية، وأن الإصابات التى حدثت للمتظاهرين قد تكون من قوات أخرى غير قوات فض الشغب.. أن سلاح الخرطوش يكون عادة مع جهاز الشرطة، لكن الإصابات بالسلاح النارى أمر غريب. وأضاف: «أعتقد أنه حدث للدفاع عن النفس»، ونفى قدرته على تحديد مسئولية حبيب العادلى عما حدث، وقال إنه كقارئ للأحداث يرى أن ما حدث فى مصر أكبر من إمكانيات وقدرات الشرطة.
كما نفى اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية، وجود قناصة فى الوزارة، كما قال إنه بعد 28 يناير لم تكن هناك داخلية ليتسنى لها قتل المتظاهرين.
إبراهيم عيسى
الإعلامى إبراهيم عيسى قال فى شهادته: «لم أرَ فى ميدان الجيزة إلا إطلاق المياه والغاز.. وبالقطع لم يوجه مبارك جهاز الشرطة إلى قتل المتظاهرين، لأننى لم أتصور رئيسًا مصريًا وطنيًا أن يفعل ذلك أبدًا».
كما قال عيسى: «لم تكن هناك شرطة على الإطلاق فى ميدان التحرير يوم 25 يناير اختفت الشرطة من الميدان، ربما كانت على بعد غير منظور أو مرئى، ومن ثم لم يكن هناك أحد متسلح أو غير متسلح».
• شهود الإثبات تحولوا لنفى
فى مفاجأة غير متوقعة تحول شهود الإثبات الثانى والثالث والرابع فى القضية إلى شهود نفى، وأكد الشاهد الثانى الرائد عماد بدرى سعيد ضابط اتصال بالأمن المركزى أن الاجتماع الذى حضره قيادات الداخلية نص على منع التسليح وإن الأوامر التى أصدرها اللواء أحمد رمزى مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزى تحديدًا من يوم 25 يناير إلى 31 يناير، هى ضبط النفس لأقصى درجة.
أما الشاهد الثالث النقيب باسم حسن فقال: «ولم يرد لدينا أى إخطارات بالتعامل مع المتظاهرين، وذلك بعد هجوم البعض على مبنى الوزارة».
وبالنسبة للرائد محمود جلال معين بمحطة كهرباء معروف ، فقال إن الاستعدادات كانت بالعصا والدروع وقنابل الغاز فقط، ولم تكن معه أى أسلحة نارية ولا حتى سلاحه الشخصى، لافتًا إلى أن التعليمات جاءت بضبط النفس لأقصى درجة.
• القصاص الإلهى
بسقوط الورقة الأخيرة فى شجرة المتهمين، وبالرغم من وجود قائمة طويلة تتضمن المئات من شهداء ثورة يناير، فقد أغلقت القضية تمامًا، ولم يعد هناك سبيلًا لفتحها مجددًا، لذا لم يعد أمام أهالى هؤلاء الشهداء وذويهم سوا انتظار القصاص الإلهى من القاتل الفعلى.