التحرير
محمود سامى
بعد الموقعة
س: هل شاهدت عودة برشلونة أمام باريس واقتناصهم بطاقة الصعود لدور ربع النهائى من دورى الأبطال؟ حقا إنها المباراة الأروع فى تاريخ كرة القدم.

ج: المباراة الأروع، حقا! ولكنها فعلا كانت عودة رائعة تطلبت كثيرًا من العمل من جانب لويس إنريكى والذى صاحبه الكثير من التوفيق.

س: توفيق! عن أى توفيق تتحدث؟ فهذه المباراة شهدت ولأول مرة عودة فريق بعد تأخره برباعية فى المباريات الإقصائية فى تاريخ دورى الأبطال الأوروبى.

ج: بالفعل لقد كانت عودة رائعة من الفريق الكتالونى وبها الكثير من العمل الفنى والتكتيكى، ولكن أيضا كان هناك كثيرا من التوفيق، فمن بين الأهداف الستة لبرشلونة هدف عكسى وأربع أهداف من مواقف ثابتة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، وهذا كثير لأى فريق فى مباراة واحدة بصفة عامة ولبرشلونة بصفة خاصة.

كما كان الفريق الكتالونى موفقا بشدة فى عدم استقباله لأكثر من هدف من فرص محققة للتهديف بعد هدف كاڤانى من انفرادات كاملة، وهو ما ساهم فى اكتمال تلك العودة التاريخية.

س: إذا ستعيد هذه المعجزة إلى الحظ! وبالطبع ستكمل حديثك عن رعونة لاعبى باريس سان جيرمان وسوء إدارة مدربهم إيمرى للمباراة وتحضيره لها! لماذا أنتم غير منصفين؟

ج: ليس حظا ولكنه توفيق، والتوفيق لا يأتى إلا لمن يستحقه، وبرشلونه استحقوا هذا التوفيق بلا شك.

أما بالنسبة لسوء مستوى لاعبى باريس ومدربهم أيمرى فهذا طبيعى فى كل المباريات التى تشهد عودة غير متوقعة فى النتيجة.

ففى نهائى إسطانبول الذى شهد عودة ليفربول فى النتيجة أمام الميلان بعد تأخره بثلاثية نظيفة فى ما يقترب من الـ١٥ دقيقة، انشغل الجميع فى الحديث عن تغيرات مدرب ليفربول التكتيكة بين شوطى المباراة بنيتيز، وتغيره لطريقة اللعب وما تبعه من روح وإرادة للعودة فى النتيجة من لاعبى الفريق، أشعلتها كلمات قائد الكتيبة الحمراء جيرارد فى غرفة خلف الملابس بين شوطى المباراة، ليقلب الفريق تأخره بثلاثية نظيفة الشوط الأول إلى تعادل فى ما يقترب من الـ١٥ دقيقة من بداية الشوط الثانى، ولكن مع ذلك وجهت أيضا أصابع الانتقاد لكارلو أنشيلتوى مدرب الميلان ولتلك الكتيبة المتخمة بالخبرة والتجربة من لاعبى ميلان فى هذه المباراة، لاستسلامهم لعودة ليفربول أمامهم من بعيد فى تلك الفترة الزمنية القصيرة وكأنهم منومين مغناطيسيا كما ذكر أكثر من لاعب من نجوم ليفربول فى تلك المباراة التاريخية فى سيرهم الذاتية.

وبالتالى فبالطبع كان لتهاون لاعبى باريس سان جيرمان وسوء إدارة وتحضير مدربهم للمباراة، دور كبير فى عودة برشلونة ولكن لا يجب ان نغفل دور برشلونة أنفسهم فى تلك العودة الرائعة.

فبعد تلك الخسارة الكبيرة لبرشلونة فى مباراة الذهاب بحديقة الأمراء بفرنسا، حدد إنريكى مدرب برشلونة مشاكل الفريق بشكل كبير واستطاع إيجاد حلول فنية وتكتيكة لها بشكل سريع جدا.

فقد حدد إنريكى مواجهة بل والهروب من الضغط العالى للخصوم كنقطة ضعف فريقه الأولى، بالإضافة إلى مواجهة المرتدات للخصوم تحديدا من على الأطراف.

فضغط الخصوم العالى على برشلونة كان يمنعهم من تنفيذ أسلوب لعبهم الذى يعتمد على الاستحواذ والتدرج بالكرة من الخلف للأمام، الشئ الذى كان يجبرهم على ارتكاب عدد كبير من الأخطاء فى مناطق خطرة من الملعب، ولم يجد إنريكى أفضل من مباراة أتليتكو مدريد تحت قيادة مدربه سيميونى الخبير فى الضغط العالى، ولعب المرتدات لكى يجرب فاعلية خلطته السحرية.
فبداية من مباراة أتليتكو مدريد، قام إنريكى بتغيير الرسم الخططى الذى اعتدنا على فريق برشلونة معه، رغم تعاقب المدربين وهو الـ٤-٣-٣ إلى ٣-١-٤-٢ بوجود ثلاثى دفاعى لتغطية أفضل لعمق الدفاع، وحلول أكثر للتدرج بالكرة من العمق، بمساندة لاعبى الوسط تحديدا سيرخيو بوسكيتس، وبوجود لاعبين يمتلكون الكثير من المهارات الفردية على خطى الملعب الأيسر بقيادة نيمار والأيمن بقيادة رافينا؛ لفتح زوايا تمرير أوسع للاعبى برشلونة الموجودين بكثافة فى عمق الملعب، ما سهل كثيرا عليهم الهروب من ضغط الخصوم لشبه استحالة الضغط بعرض الملعب، لاعتماد أسلوب الضغط العالى من الأساس على زيادة عددية من الفرقة الضاغطة فى قطاع طولى من الملعب على لاعبى الخصم، الشئ الذى كان يصعب جدا حدوثه فى الرسم الخططى القديم الـ٤-٣-٣ إلا بنزول ميسى و نيمار فى مناطق منخفضة فى ثلث الملعب الأوسط على الأطراف، الشئ الذى يبعدهم كثيرا عن مناطق الخطورة، أو باندفاع هجومى زائد لأظهرة برشلونة، الشئ الذى يكشف دفاع الفريق بشكل كبير لمرتدات الخصوم. أما هجوميا فسهل عليهم كسر تكتل خطى الوسط والدفاع للخصوم لوجود مساحات بعمق الملعب ناتجة من انتشار أعرض لخطوط الخصوم لمواجهة كل هذه المباشرة، والمهارة للاعبى برشلونة على الأطراف، تلك المساحات التى نجح فى استغلالها لاعبى برشلونة بأفضل شكل ممكن فى التحول الهجومى للخطة ٣-١-٢-٤، والذى أسفر عن ١٧ هدفا للفريق فى المباريات الثلاث الأخيرة. أما فى الحالة الدفاعية فمن الواضح أن إنريكى كان يدرك أن أهم مشاكل اللعب بثلاثى دفاعى هى الضغط العالى عليه بخط هجومى عريض مكون من أربعة لاعبين كما فعل مانشيسترسيتى فى توتنهام بالدورى الإنجليزى، وتقدمه بهدفين نظيفين فى الشوط الأول، قبل أن يتدارك توتنهام الموقف ويغير بوتشيتينو من تكتيكه محولا الرسم الخططى من ٣-٤-٣ إلى ٤-٢-٣-١؛ ليتمكن من الهروب من ضغط جوارديولا العالى، ويمكن فريقه مرة أخرى من التدرج بالكرة والعودة فى نتيجة المباراة، لتنتهى بالتعادل الإيجابى بهدفين لكل فريق. لذلك فمنذ بداية اعتماد إنريكى على اللعب بثلاثى دفاعى فى مباراة أتليتكو مدريد، وهو يكلف فى الحالة الدفاعية إما سيرخيو روبيرتو للرجوع من مركزه كلاعب وسط ميدان أيمن فى الرسم الخططى الجديد إلى مركز الظهير الأيمن، أو سيرخيو بوسكيتس للرجوع من مركز الارتكاز إلى مركز قلب الدفاع لتتحول الخطة من ٣-١-٤-٢ إلى ٤-٤-٢ فى كلا الحالتين، وهو ما يحل كثيرًا من مشاكل الخطة الدفاعية. س: جميل، إذا فما تقيمك لسيناريو كلا المدربين فى المباراة؟ ج: كان إيمرى غير موفق تماما فى السيناريو الخاص به فى المباراة، فتفضيله للعب بخط دفاع منخفض، وتكتل فريقه أمام مرماه، ساعد برشلونة على تنفيذ ضغطهم العالى، والتدرج بسلاسة من الدفاع للهجوم، كما ساعد برشلونة على اللعب بخط دفاع عالى جدا، حيث تواجد الثلاثى الدفاع لبرشلونة فى نصف ملعب باريس سان جيرمان أكثر مما تواجدوا فى نصف ملعبهم طوال المباراة، الشئ الذى كان يطيل من عمر موجات الضغط لفريق برشلونة، ذلك الضغط الرهيب الذى منع باريس سان جيرمان من إكمال أكثر من ٤ تمريرات صحيحة فى الفترة بين الهدفين الرابع و السادس الأغلى الذى بدأ من خطأ تحصل عليه شتيجسن حارس برشلونة فى منتصف ملعب باريس سان جيرمان! حيث شجع مبكرا جدا هذا التراجع من فريق سان جيرمان لاعبى منتصف الميدان لبرشلونة على تقديم الزيادة العددية الهجومية فى مناطق باريس سان جيرمان الدفاعية، الشئ الذى وضح بشدة فى الأهداف التى تم تسجيلها فى شوط المباراة الأول. حتى المرتدات! فكان توجه باريس سان جيرمان فيها قمة فى السؤ، حيث حاول الفريق مرارا وتكرارا أن يقوم بتمريرات قصيرة فى عمق الملعب بدل من محاولة لعب الكرات الطولية المباشرة على الأطراف تحديدا ناحية ماسكيرانو، الذى كان يجب استهدافه ولعب الكرات الطويلة المباشرة لكاڤانى فى اتجاهه، لاستغلال محدودية قدراته فى العاب الهواء، وضعف المساندة له فى مثل هذا النوع من الصراعات فى تلك الجبهة من راكيتيتش ورافينيا، الشئ الذى عندما تم استغلاله من جانب يكوزاوا الظهير الأيسر لسان جيرمان نجح فى صناعة هدف سان جيرمان الوحيد لكاڤانى. أو عن طريق تركيز اللعب على الجهة اليسرى لبرشلونة لإنهاك نيمار فى الشق الدفاعى الذى لا يجيده، الشئ الذى عندما تحرر الفريق هجوميا بعد هدف برشلونة الثالث لتدارك الموقف نجح مونير الظهير الأيمن لسان جيرمان من لعب أكثر من عرضية خطيرة أصاب كاڤانى القائم فى واحدة منها بعدما راوغ منير نيمار فى الثلث الدفاعى لبرشلونة بكل سهولة. بالطبع تحسن سان جيرمان بعد نزول دي ماريا نجم مباراة الذهاب بديلا للوكاس مورا لإدارته لمرتدات فريقه بشكل أفضل كثيرا من مورا، تلك المرتدات التى أهدر سان جيرمان منها اكثر من فرصة محققة بعد هدف كاڤانى كانت من الممكن أن تعادل كفة المباراة، تحديدا بعد غلق يوناى إيمرى الجبهة الأخطر لبرشلونة الجبهة اليسرى بالدفع باوريير بديلا لدراكسلر ليلعب كظهير أيمن، ويشارك مونير كجناح أيمن لغلق كل السبل على نجم المباراة نيمار، لتلجأ بعد ذلك برشلونة الى سلاح غير تقليدى بالمرة بالنسبة لهم، وهو سلاح الكرات الثابتة التى سجل منها الفريق الأهداف الثلاثة الأخيرة اللاتى ضمنت لبرشلونة بطاقة التأهل لدور ربع النهائى من دورى الأبطال الأوروبى. س: حقا لقد كانت مباراة رائعة، ولكن هل توافقنى الرأى إنها العودة الأفضل فى النتيجة فى تاريخ الأبطال؟ ج: لقد أنعم الله على عشاق الكرة بمثل هذه المباريات التاريخية لكى نستمتع بها، ليس لإهدار متعتها فى مقارنات لا فائدة منها، استمتع يا صديقى فهذا لا يحدث كل يوم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف