أعتذر لحضراتكم اليوم عن ان ما سوف اتناوله سيكون نتيجة رد فعل انساني غاضب وحزين شعرت به كأخ وصديق وزميل لمن استشهدوا من أبناء وطني خلال الأيام القليلة الماضية والتي تواكبت مع ذكري يوم الشهيد.. وذلك لا يتعارض من ما طرحته الأسبوع الماضي من تأكيد ان الإرهاب يحتضر.
ـ عندما أفقد عددًا من إخواني الأقباط في العريش علي يد مجموعة من العصابات التكفيرية التي لا تعرف شيئاً عن الدين الإسلامي أو عن أي اديان سماوية أخري وينشرون بينهم الرعب والخوف ويدفعونهم دفعا إلي ترك هذه المدينة التي عاشوا فيها حياتهم كلها بين اشقائهم المسلمين ويبحثون علي مأوي آخر لهم.. لابد أن أغضب.
ـ عندما أفقد ثلاثة من خيرة رجال الشرطة في أقل من 48 ساعة وهم العميد / ياسر الحديدي والمقدم / قدري فتحي والنقيب / مفيد الهواري وإصابة العشرات من أفراد الشرطة المصاحبين لهم.. بنفس الأسلوب والطريقة وهي تفجير سياراتهم المصفحة اثناء أدائهم لعملهم في شمال سيناء تاركين وراءهم عائلات وأطفالا لم يعرفوا بعد معني أن آباءهم شهداء وتركوهم يواجهون المجهول.. لابد أن أغضب.
ـ عندما يسقط رجالنا من القوات المسلحة عند مداهمتهم لمعقل جبل الحلال لإعادة الأمن والطمأنينة لأهالي شمال سيناء.. بل وأهالي الوطن بأكمله.. لابد أن أغضب.
ـ عندما أشاهد أحد الإعلاميين يستضيف من السيدات البسيطات من تهاجم القيادة السياسية والجيش والشرطة بأسلوب مسرحي مكشوف مثلما كانت قناة الجزيرة تفعل.. لابد أن أغضب.
ـ عندما أتحدث عن ندوة شاركت فيها مع مجموعة من الطلبة والطالبات من شباب الوطن الذين سوف يحملون رايته وأجدهم لا يتحدثون إلا عن السلبيات وارتفاع الأسعار والبطالة واكتشف أن هناك مجموعة من الطلبة الذين يعتنقون فكر الإخوان يوجهونهم اثناء الندوة للتشكيك في كل ما هو ايجابي.. لأبد أن أشعر بالحزن.
عندما اتكلم عن شباب يتحدثون عن البطالة وعدم وجود فرص عمل مع أن هناك مبادرات في جميع المحافظات لمساعدتهم في ذلك ولا يترددون عليها إلا للتهكم والتشكيك في عدم جديتها..لابد أن أحزن.
ـ عندما أتحدث عن مؤتمر بدأت فاعلياته أمس برعاية وزارة الأوقاف يشارك فيه ممثلو 82 دولة والعديد من المثقفين والمفكرين الذين لم يكتووا بنار العمليات الإرهابية ولم يفقدوا ابناء أو اخوة من الشهداء.. ولن يصدر عنه سوي توصيات لن تنفذ.. لابد أن أحزن.
ـ سوف يتم تكريم أمهات وزوجات الشهداء من الجيش والشرطة كما يحدث كل عام ونجري معهم أحاديث صحفية ولقاءات تليفزيونية وينتهي اليوم مثلما ينتهي كل يوم بينما تمر الأيام علي هذه العائلات حزينة كئيبة.. تنتظر مناسبة أخري لنتذكرها ونلتقط معها الصور التذكارية لتتصدر الجرائد أو المكاتب أو الإنجازات.
ـ مرة أخري اعتذر عن مقالي اليوم.. ولكن مرارة الأحداث وفراق الأبناء والإخوة مؤلم خاصة إذا كانت علي أيدي تلك العصابات والمرتزقة.
ـ أيها السادة.. أرجو أن نجعل من هذه المناسبة هذا العام بالتحديد بداية انطلاقة حقيقية لاستكمال القضاء علي فلول الإرهاب والارهابيين.. ولن ادعي ان لدي الرؤية الثاقبة لتحقيق ذلك مثلما هي موجودة عند صانعي ومتخذي القرار ولكن هناك رؤية شخصية أود أن اعرضها بإيجاز فيما يلي:
1 ـ عزل مسرح العمليات في العريش وشمال سيناء علي الأقل خلال الأشهر القادمة وقبل حلول شهر رمضان وجعلها ساحة عسكرية وشرطية تشارك فيها أجهزة المعلومات في القضاء علي فلول الارهاب المختبئة كالجرذان لدي بعض أهالي تلك المناطق.
2 ـ التنسيق الكامل بين كافة وسائل الاعلام المقروءة والمرئية لتبصير الشباب تحديدا بمخاطر الارهاب وتداعياته وانعكاساته في انتشار البطالة وتقليص فرص العمل ولا أعتقد أن أي اعلامي شريف سيكون سعيدا بسقوط الوطن في براثن الارهاب مرة أخري.
3 ـ عدم التمادي في تكريم عائلات الشهداء مثلما يحدث كل عام ونترجم ذلك في دعوتهم للمشاركة في ندوات ومؤتمرات يشارك فيها الشباب ليعرفوا ماذا فعل هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم لكي يعيش هؤلاء الشباب في أمن وسلام لعل ذلك يكون دافعا لهم علي التعاون مع الأجهزة الأمنية للإبلاغ عن أي عناصر هاربة أو مختبئة هنا أو هناك.
4 ـ أما آلية وأساليب المواجهة فإنني أتمني ألا تتأثر القيادات الأمنية بمن ينتقدها من وضع الكمائن الثابتة أو المتحركة لأنني علي يقين ان من يقترح ذلك لم يعرف أو لم يذهب أو لا يعرف طبيعة الأوضاع داخل تلك المناطق.. ولكنني أناشدهم بالتنبيه علي رجالنا هناك بتوخي أقصي درجات الحيطة والحذر والاستعانة بكمائن هيكلية تكون وسيلة لاصطياد هؤلاء الارهابيين مثلما فعلنا في خطة الخداع الاستراتيجي ابان حروب الاستنزاف وحرب .1973
5 ـ أناشد المسئولين في الأجهزة التنفيذية والإدارية وكافة جموع الشعب بالتعاون الصادق مع رجال الامن الوطني وابلاغهم بالعناصر الهدامة والتي تتفنن في نشر الاحباط والتشكيك في كل ما تقوم به أجهزة الدولة من انجازات كبيرة.. للأسف لا يشيد بها إلا العالم الخارجي فقط.. إما داخليا فلا تجد نصيبها المستحق من ابناء الوطن.
واخيرًا.. مازلت أوكد ان الارهاب يحتضر مهما حدث.. وان غدًا لناظره قريب.