الأهرام
أشرف محمود
أغلقوا كليات الإعلام !!
هالني وانا أسير فوق كوبري اكتوبر ، عدد اللوحات الاعلانية التي تقدم للناس برامج اذاعية وتليفزيونية جديدة ، ورغم طول المسافة الا ان الاعلانات تلاحقك من اليمين واليسار بكثافة ، غير ان مالفت نظري ان المقدمين لها اما ممثلون او اعلاميون ممن يتصدرون المشهد الفضائي الآن ، ووجدتني اتساءل عن السر وراء تحكم مجموعة بعينها في الاعلام المصري المسموع والمرئي ، وان هذه المجموعة التي يمكن وصفها بالشلة الواحدة الا ماندر لايتجاوز عددها اصابع اليدين ، وغالبيتها ليسوا من خريجي الاعلام ، فكيف تترك مسئولية تشكيل الرأي العام في ايدي عدد محدود يسيطر على كل الوسائط الاعلامية ويحظى بانتقاداإنا لله وإنا إليه راجعون
فقيد عائلة نجم الدين باشا
شيعت يوم الجمعة2017/3/10 جنازة
اللواء شرطة حازم نجم الدين
ت من فئات بالمجتمع لايروق لها طريقة الاداء او مضمونه ، ووجدتني اتساءل : اذا كان هؤلاء النفر يسيطرون على كل المنابر الاعلامية ويكررون من خلالها انفسهم فما يقولونه صباحا من خلال ميكروفون الاذاعة يكررونه مساء من خلال الشاشات ، وفي الحالتين المضمون غائب والصوت العالي والتنظير فقط هما الحاضران ، ومع ذلك لاادري لماذا تتعدد الوسائط الاعلامية ولا يتعدد الاعلاميون ، ولماذا يغيب عن المشهد خريجو كليات الاعلام ومعاهدها واكاديمياتها التي تخطى عددها العشرين، واذا كان هناك من يرى ان الاعلام ليس بحاجة الا للمجموعة المسيطرة والمهيمنة عليه الآن ، فلماذا تواصل تلك الكليات عملها، وعلى اولي الامر إصدار قرار بإغلاقها فورا، ولكي نقترب اكثر من المشكلة حتى لايظن احد اننا نقصد امرا شخصيا وليس حالة عامة تستحق التوقف عندها بالدرس والبحث لإنقاذ مستقبل آلاف الشباب من خريجي الاعلام سنويا ممن ينضمون الى سوق البطالة بفعل عدم وجود مجال لالتحاقهم بالعمل الذي درسوا علومه فلما تخرجوا اصطدموا بالواقع الذي اوصد في وجوههم كل الابواب.

علينا ان نعود الى بدايات دراسة الاعلام لنقف على اسبابها الحقيقية لعلنا نتدارك الامر ، فحتى مطلع الثمانينات من القرن العشرين ، لم تكن مصر تعرف الا كلية واحدة للاعلام تتبع جامعة القاهرة ويقصدها كل من يرغب في الانتماء لمهنة البحث عن المتاعب او الالتحاق بماسبيرو بجناحيه الاذاعي والتلفزي او دخول مجال العلاقات العامة ، وظهرت في الثمانينات اقسام للصحافة او الاعلام كما هو حال كلية الآداب جامعة اسيوط فرع سوهاج وقتها ، وكلية الآداب جامعة الزقازيق ومن بعدهما انتشرت الاقسام في الجامعات قبل ان تتحول بعضها الى كليات ، ولحق بالركب التعليمي المعني بالاعلام كليات تابعة للجامعات الخاصة ، كل هذا ادى الى تضخم اعداد الخريجين سنويا والتي يعد بالآلاف ، بينما سوق العمل اكتفت بمن فيها ، ولامجال لدخول اعضاء جدد فماذا عساهم ان يفعلوا من اجل ان يعمل ابناؤهم في المهنة التي عشقوها ودرسوا علومها ، وحلموا باليوم الذي تكتب اسماؤهم على خبر في صحيفة او يظهرون على شاشة او يتحدثون امام ميكروفون اذاعي ، كل هذا فجأة يتحطم على صخرة الواقع القاسي ،لان نفرا من غير المؤهلين او الدارسين بعضهم مطربون شعبيون لم يتحصلوا على القسط الواجب من التعليم العام ، تسللوا الى المجال الاعلامي وفتحت امامهم الابواب ليتصدروا المشهد على حساب الدارسين ، ومن عجب انهم لم يتركوا لهم مجالا ، لاستحواذهم على كل المنابر من كتابة في الصحف والمواقع الى تقديم البرامج في الاذاعة والتليفزيون معا في يوم واحد ، وان كان من بينهم من يملك ملكات الاعلام وأعد نفسه بالتتلمذ على ايدي اساتذة كبار ليعوض عدم الدراسة الاكاديمية مثل احمد شوبير الذي اثبت كفاءته ويعد استثناء للقاعدة الموجودة على الساحة ومثله نفر قليل تعلموا بالتجربة لكنهم جنحوا في ادائهم الى الاثارة فأبعدتهم عن الموضوعية وباتوا مثل غيرهم ممن لم يؤهلوا علميا وارتدوا ثوب المنظرين والعارفين ببواطن الامور ، وهم معذورون لانهم لم يجدوا من يراجع اداءهم ويصوب لهم ، بعدما باتت نجومية الكرة جواز مرورهم الى الشاشات ، وتحول في المقابل الدارسون الى مقاعد المتفرجين يتابعون وهم يتحسرون الاخطاء الكارثية التي يرتكبها غير العارفين بفنون الاتصال ، ولايملكون المعين الثقافي الذي يؤهلهم لادارة حوار او مناقشة قضية دون شطط ، ويعرفون الفارق بين ماينبغي أن يقال على الهواء وما لايقال.

إن انتشار كليات الاعلام مع عدم الاستفادة من الخريجين في سوق العمل يجعل من استمرار هذه الكليات إهدارا للوقت والمال والاحلام لدى خريجيها ، واذا كان الاغلاق غير ممكن فيجب ان يشرع بعدم الجمع بين وظيفتين اعلاميتين لاتاحة الفرصة امام الخريجين ، بدلا من تكدسهم في سوق البطالة او انتقال بعضهم للعمل في مجالات لايعرفون عنها شيئا ، هذا اذا كان هناك من يهتم بأمر التعليم وسوق العمل ويهمه تصويب مسار الاعلام .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف