الوفد
عباس الطرابيلى
التعليم.. بين الاحتلال والاستقلال!
هل نحن فعلاً نمشي عكس الاتجاه؟! ففي مصر خضوعنا للاحتلال الانجليزي كان التعليم ـ بكل مراحله ـ مصريا. حكومياً. أميرياً. بينما ونحن الآن في عصر الاستقلال نجد أن التعليم أصبح.. أجنبياً.. ومن الحضانة الي الابتدائي والاعدادي والثانوي.. وأيضاً الجامعي.. بالذمة ده كلام!!
في جيلي ـ وما قبله ـ كان السعيد من يجد مكاناً له في المدرسة الأميرية.. بكل مراحله من المدرسة الأولية أي الالزامية، لأن التعليم كان الزاميا..ثم المدرسة الأميرية الابتدائية.. والمدرسة الثانوية الأميريةـ وكانت الجامعة المصرية، الأميرية، هي الأفضل اقليمياً.. وبين الأوائل عالمياً.. وكان التعليم الخاص يمضي علي استحياء.. ولم يكن يلتحق به الا التلميذ الفاشل الذي لم يجد له مكاناً في المدارس الأميرية.. حتي الجامعة الأمريكية زمان لم يكن يلتحق بها إلا تعساء الحظ، ولم يجدوا مكاناً لهم بجامعات مصر الحكومية..
<< حقيقة كان في مصر عدد من المدارس الأجنبية. ولكنها كانت في الأساس من أجل أبناء الجاليات الأجنبية في مصر: فرنسيين وانجليز وطلاينة وأرمن ويونان حتي وان التحق بها بعد الساعين إلي «الفرنجة» وربما لتعلم اللغات الأجنبية وبالمناسبة كان تعليم اللغات الأجنبية ـ في المدارس الأميرية ـ هو الأفضل.. وكنا ندرس في نفس الكتب التي يدرسها الطالب الأجنبي، في بلاده.. واسألوني ولن نتحدث هنا عن الرعاية الكاملة في المدارس الأميرية..حيث كل شيء بالمجان من كل الكتب والمراجع والكراريس، حتي الأقلام والمساطر والبراجل والقواميس وبالطبع الوجبات الغذائية الساخنة.
<< الآن.. وفي عهد الاستقلال الكامل بات التعليم الأجنبى في بلادنا ـ هو الأساس. وفي كل المراحل.. حيث لا يدرس الطالب المصري ـ في المدارس المقامة علي أرض مصر ـ قواعد اللغة العربية ولا تاريخ بلاده.. وأصبح كلهم «يرطنون» بكلمات انجليزية أو فرنسية رغم أن لغاتنا الأجنبية في زماننا كانت أفضل من لغة تلاميذ هذا الزمان..
والكارثة هي في التعليم الجامعي.. حيث جامعات فرنسية وانجليزية وأمريكية وكندية وروسية وألمانية وفي الطريق جامعة صينية!! وهي من أسباب تزايد الطلب علي الدولار لأنها كلها تشترط سداد رسوم وتكاليف التعلم بها بالدولار!! ويأتي الاهتمام بهذه الجامعات الأجنبيةـ فضلاً عن المدارس الأجنبية ـ بسبب انهيار مناهج وطرق التعليم بالتعليم الحكومي، الأميري..
<< وهكذا ينهار التعليم في مصر، أكتر وأكتر.. ولم يعد التعليم قبل الجامعي ـ وحده ـ من يعاني من الدروس الخصوصية.. بل امتد هذا الوباء أيضاً إلي الجامعات أيضاً.. وهنا نشيد بالمحاولات المستميتة للدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، في محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه من الجامعة الأم منذ نشأت جامعة أهلية مصرية، الي أن أصبح اسمها جامعة فؤاد الأول إلي أن صارت جامعة القاهرة الآن.
<< وحال التعليم المصري يجعلنا نتباكي علي عصر كان التعليم المصري فيه عظيماً وكنا نتحدث الانجليزية والفرنسية وأحياناً الألمانية كما يتحدثها أهلها.. وكنا نعرف قواعد لغتنا العربية ونحفظ تاريخ بلادنا.. أما الآن فان التعليم يخرج لنا أجيالاً مشوهة فكرياً.. وسلوكياً.. ومعرفة.
هل من حل؟! ونحن في أزهي عصور استقلالنا!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف