هناك حرب تشن علينا لا يقل خطرها عن خطر الإرهاب الذي نواجهه بكل صرامة.. تلك هي حرب الدولار.. التي يطلق عليها البعض تأدبا السوق الموازية.. والبعض يسميها باسمها "السوق السوداء" وهي سوداء حقا!!
طبعا من بديهيات الاقتصاد أن تحرير سعر الصرف الذي تم في الثالث من نوفمبر الماضي الهدف الرئيسي منه هو القضاء علي السوق السوداء للدولار.. وبالفعل كان هناك تحسن في هذا المجال لأشهر ثلاثة تلت قرار تحرير سعر الصرف.. ولكن ها هي أزمة السوق السوداء تطل برأسها من جديد.. فماذا نحن فاعلون؟
من وجهة نظري أنه لابد أن نصطف جميعا لمواجهة هذه الحرب الغني قبل الفقير فلا يظنن أحد أنه بمأمن عن "الطوفان" إذا جاء وهو إن لم نواجهه ونقطع عليه السبل.. قادم!! ولكن ما الذي جعل سوق الدولار السوداء تطل برأسها من جديد؟!
الإجابة تكمن في أعداء نجاح مصر في الداخل قبل الخارج.. فهناك من هو بيننا لا يريد لهذا البلد نجاحا.. قد يكون سبب ارتفاع الدولار ياميش رمضان الذي يستعد له التجار قبل الهنا بسنة.. كما نستعد لرمضان بالمسلسلات.. ورمضان كشهر عبادة بريء من الياميش وكذلك من المسلسلات!
قد يكون ياميش رمضان أحد الأسباب ولكن الدولة يجب أن تكون حازمة في هذا الموضوع فإذا كان صيامنا صحيحا بدون "ياميش" فعلي الدولة أن تتخذ قرارا بعدم استيراد الياميش هذا العام نهائيا ذلك أن المستوردين سيجمعون الدولار من الشارع وليس من جيوبهم مما تتأثر به الدولة ككل واقتصادها بالتالي نحن!
لابد أن يبدأ التقشف وربط الحزام من أعلي ليقتدي بهم من هو أسفل. هذا ما فعلته مصر في أعقاب الأزمات التي خاضتها وانتصرت عليها كما حدث في أعقاب نكسة عام .1967
الشيء الثاني هل سنموت جوعا إذا أصدرت الدولة قرارا بوقف استيراد السيارات هذا العام.. عام واحد فقط.. وشوارعنا أصبحت مكتظة وتئن بالسيارات وحتي حوادث السيارات تلتهم أضعاف أضعاف ما يكبدنا الإرهاب.. إذن هي "سنة" لالتقاط الأنفاس من السيارات ومشاكلها! والحمد لله عندنا منها ما يكفي ويفيض!
نحن في حاجة إلي ثورة إدارية تزيل أي ظلم أو عدم مساواة أو خلافه يشعر بها المواطن.. لو حدثت هذه الثورة التي تكفل لكل صاحب حق حقه.. ساعتها لن يحتاج مسئولونا عربات مصفحة لحمايتهم.. لأن من يظلم الناس يخاف ومن لا يظلم.. لا يخاف.. "عدلت فأمنت فنمت يا عمر" لله درك يا عمر!
لا يجب أن نخسر معركتنا مع الدولار ومسئولو الغرف التجارية وشعب الاستيراد كان لهم موقف صلب وجيد عند بدء تحرير أسعار الصرف.. وقد أعلنوا آنذاك تفهمهم للوضع العام فما الذي جري وجعلهم يتكالبون علي الاستيراد بما في ذلك استيراد أجهزة التليفون المحمول وعندنا منها ما يكفي لأعوام قادمة وما من بيت إلا ويحمل كل فرد من أفراده أكثر من جهاز محمول.. ما المانع أن نصدر قرارا أيضا بعدم استيراد أجهزة المحمول عاما واحدا.. واحدا يا ناس!!
سبقتنا دول كثيرة في مضمار البناء والتقدم سبقتنا بالعلم والإنتاج وسبقناها نحن بالرغي في الهواء والتركيز علي الكماليات كياميش رمضان!
والنقد للاستيراد يجب أن يوجه أيضا لأداء وزراء حكومتنا الرشيدة.. مثلا وزارة كوزارة قطاع الأعمال أصبح لوزير في وزارته أكثر من عام وما من شركة واحدة أعيدت للعمل والإنتاج.. كلها تصريحات علي غرار بعد عام سوف نفتتح فرن الحديد والصلب بعد عام سوف نعمل كذا!! وعود تتبخر في الهواء.. ولا إنجاز علي الأرض!
نريد أن يسأل كل وزير نفسه أو يسأله رئيسه ماذا أنجز؟! كم مصنعا عاد للإنتاج.. كم مشروعا صغيرا وما حجم إنتاجها؟ أين مشروعات إحياء البتلو والثروة الحيوانية؟ أين.. أين؟!
إنها الحرب!! فهل من مدكر؟!