سميرة الديب
أين تطوير المستشفيات بعد زيادة الميزانية؟!
ان الوقوع في المحن شيء متوقع.. وان حدثت محنة عند أي صديق تجد نفسك بدون أي تردد تحاول أن تعينه عليها وتسانده بشتي الطرق.. ولكن ان تأتي المحنة في أقرب انسان لك في ابنك أو أبيك أو أمك لا قدر الله هو الشيء الذي لا تتوقعه وهذا الشعور كفيل بأن يشل تفكيرك بالكامل لدقائق وتجد شعورك في هذا الموقف مختلفا تماما عن شعورك اتجاه الغرباء عندما يصيبهم مكروه.. تجد نفسك غارقا في التفكير ومش عارف هتعمل ايه.. عايز تخلق سريرا في الرعاية المركزة ومن تحت الأرض وبأي ثمن ولكن مش لاقي.. عايز دكتور انسان يقدر حالة مريضك ويحاول انقاذه أو يقدم له العلاج بسرعة ولكن هذا "أصبح شيء نادر".
لقد أثبتت معاناة الناس في الفترة الأخيرة مع المستشفيات الحكومية فشل وزارة الصحة في تقديم العلاج للمرضي من خلال أقسام الطواريء والاستقبال وعدم توافر أسرة في الرعاية المركزة التي أصبحت غير مجانية بفعل فاعل في كل مستشفي.. وندرة حضانات الأطفال حديثي الولادة "المبتسرين" الذين يظل اباؤهم يلفون بهم ليل نهار حتي يموت الطفل لعدم وجود حضانة وهذا والله حدث أمام عيني.. كما ان معظم المستشفيات لا توفر أسرة للحروق التي كثرت في الاونة الأخيرة في المناطق العشوائية والشعبية والقري.. أما أكياس الدم ومشتقاته فان بها نقصا شديدا.. حتي العلاج المجاني الذي كان يصرف للفقراء من صيدليات المستشفيات حرموا منه.. وهذا يؤكد ان العلاج أصبح للأغنياء فقط.
* مع ان ميزانية وزارة الصحة قد زادت لعام 2016/2017 بعد التعديلات الأخيرة في الموازنة حتي وصلت الي 74 مليارا و600 مليون جنيه وبفصل الصرف الصحي ومياه الشرب عن موازنتها الجديدة يعتبر هذا المبلغ مناسبا لحل مشاكل الكثير من المستشفيات وتوفير معظم احتياجات الصحة لهذا العام المالي.. ومع ذلك لم نشاهد أي تطوير أو تقديم خدمة متميزة بأي مستشفي ولا زيادة في عدد اسرة الرعايات المركزة التي تعتبر أهم قسم في أي مستشفي نظرا للحالات الحرجة التي تدخلها والتي وصلت نسبة نقص الاسرة بها الي حوالي 75% علي مستوي المستشفيات.. لان كل مستشفي لا يزيد عدد الاسرة به عن 5 أو 7 اسرة فقط.. هل هذا يعقل مع عدد السكان الذي تخطي الـ 92 مليونا في مصر.
* صحيح ان وزارة الصحة في حاجة الي ميزانية أكبر من ذلك ولكن هذا لا يبرر للمسئولين بالمستشفيات عدم تقديم العلاج للمرضي الفقراء أو رفض ادخالهم الرعاية المركزة الاقتصادية لأنهم لايستطيعون دفع الفلوس المطلوبة.. كما ان المريض أو المصاب عندما يدخل الطواريء لا يجد أيضا أي اسعافات وكل ما يفعله الطبيب "النوبتجي" هو كتابة روشتة لأهل المصاب وعندما يحضرونها يكون قد مات.
* يا سادة ان كل الحكاية ان أي مريض أصيب بجلطة مفاجئة أو غيبوبة تكن احتياجه الي سرير في الرعاية المركزة في أي مستشفي حكومي في القسم المجاني أو الاقتصادي الذي لا يقل اليوم فيه عن الفي جنيه ومع ذلك لا يجده ويظل أهله يجرون به هنا وهناك بسيارة الاسعاف من أجل ايجاد مكان خال ولكن دون جدوي.. مما يجعلهم يتجهون للمستشفيات الخاصة التي تستغل حاجة الناس لها ولا توافق علي ادخال المريض الذي بين الحياة والموت الا بعد دفع المبلغ الذي تحدده وهو طبعا لا يقل عن عشرة آلاف جنيه.. وأحيانا يموت المريض قبل أن يدخل الرعاية.. ودموع أهله وتوسلاتهم لم ترجعه للحياة. ولهذا أصبحت الرعاية المركزة حلم المرضي من أصحاب الحالات الحرجة.. وسبوبة كبري لأصحاب المستشفيات الخاصة.
لذلك نطالب وزارة الصحة بالعمل علي تطوير المستشفيات وزيادة عدد أسرة الرعاية المركزة الي 5 أسرة لكل ألف مواطن حتي نصبح مثل الدول النامية وليست المتقدمة.. وتطوير أقسام الطواريء والاستقبال.. والعمل علي توفير العلاج حتي يحصل المواطن الغلبان علي العلاج المناسب له بدون ذل أو مهانة مثلما يحدث حاليا.
** كلمة أخيرة:
إن الأم هي نهر الحياة الذي كان يروينا
وعلي خطاها سوف نسير ونحقق أمانيها