محمد جبريل
الجامعة العربية بدلاً من المبعوث الأوروبي
أسعدني - وإن لم يكن في الأمر مجال للسعادة - دعوة الوزير عبدالقادر مساهل لإعادة النظر في ميثاق جامعة الدول العربية. بما يتيح للجامعة أداء دورها في قضايا الوطن العربي.
لا أذكر متي تحول ميثاق الجامعة العربية من إجماع التصويت إلي أغلبية الأصوات.. لكن الأغلبية ضمان حقيقي للاتفاق والاختلاف بما يساعد علي اتخاذ قرار ترضي عنه النسبة الأكبر من الدول الأعضاء. فلا يتعطل اتخاذ قرارات مصيرية بدعوي الإجماع الذي اشترطته لوائح الجامعة.
لتوالي الأخطار المحدقة بالوطن العربي. فقد كان للجامعة دورها في الدفاع عن قضايا أقطارها بما يدرأ المؤامرات الدولية والاقليمية التي تستهدف الجسد العربي. وكان للتطورات في أعقاب ثورات الربيع تأثيراتها السلبية. بداية من مخططات إجهاض التحركات الجماهيرية. وانتهاء بالتدخل المسلح.
عدا مصر. فقد شلت التأثيرات أقطار الربيع: نسجت المؤامرات الاقليمية والدولية خيوطها ضد الاستقرار السوري. تحولت البلاد - بإشعال النيران - من المظاهرات السلمية إلي حرب دامية. دفع الملايين من المواطنين السوريين حياتهم ثمناً لها. أو فروا خارج الحدود. وابتلع البحر آلاف الفارين قبل ان تستقبل الباقين معسكرات الإيواء في أوروبا. وصارت ليبيا ما بعد القذافي ساحات معارك. لا يبين أفقها عن بادرة سلام. وكم يبدو مؤسفاً أن يقفز علي عبدالله صالح علي ثورة الشعب اليمني. وأمثلة أخري.
زاد من تفاقم الأوضاع مبعوثو الغرب الذين عمدوا إلي توسيع الخلافات. واختلاق ما لم يكن موجوداً.
اللافت ان منظمة اليورو هي المسئولة عن حل مشكلات أعضائها. مثلما ان منظمة الوحدة الافريقية مسئولة عن مشكلات القارة. الأمر نفسه في المنظمات المشابهة في آسيا وأمريكا اللاتينية. لا حاجة بهذه التكتلات الاقليمية إلي المبعوث. هو - في الأغلب - يعمق الخلافات. ويضيف إلي تشابكاتها. ذلك ما يسهل التعرف إليه في وساطة المبعوث الأوروبي - دعك من تسمية الدولي! - سواء في ليبيا أو اليمن - قبل أن يبدأ الوسيط العربي "الطيب" مهمته - وأفلح دي مستورا - بدهاء استعماري - أن يدفع بالأوضاع في سوريا إلي ما هي عليه الآن: مدن وقري خالية. أو مدمرة. وقوات حكومية. وقوات معارضة رفع بعضها العلم الأمريكي. وفصائل من داعش وجبهة النصرة. وطيران روسي. وكتائب إيرانية وتركية وأمريكية.
أزمات الوطن العربي مسئولية جامعته الاقليمية. ثمة كفاءات سياسية ودبلوماسية ممتازة. تستطيع - إذا تخففت من الوصاية الحكومية - أن تنحي المؤامرات والدسائس والتطلعات الشخصية والقبلية. وتقرب وجهات النظر. بحيث يصل المتعاركون في كل قطر - أو في القطرين المتنازعين - إلي كلمة سواء. أو تفرض عقوبات يحددها مجلس الجامعة العربية بأغلبية الأصوات. وليس بإجماعها!