مر بنا الأربعاء الماضي يوم المرأة العالمي الموافق 8 مارس.. وقريبا سوف يأتي علينا عيد الأم 21 مارس.. ثم إننا نعيش طوال هذا العام في عام المرأة.. عموما هذا ليس بكثير علي المرأة التي تحيط بنا من كل جانب.. وتملأ حياتنا بهجة ورحمة وتجعل لها طعما جميلا.. يهون علينا مصاعب الدنيا.
وبعيدا عن شعارات الحركات والجمعيات النسائية وافتكاساتها.. فإنني أعتقد صادقا أننا مهما فعلنا - نحن الرجال - فلن نوفي المرأة حقها علينا.. المرأة هي الحبيبة: الأم.. الزوجة.. الأخت.. الابنة.. وتستحق منا أعلي تقدير.. لترتقي أعلي مكانة في المجتمع.. لما تقوم به في الأسرة من دور محوري ينوء به الرجال.. ولما حققته في الحياة العامة من إنجازات وما قدمته من نماذج مضيئة وملهمة.. وقديما قالوا: "الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعبا طيب الأعراق".. ويصح أن ترفع كلمة الأم وتضع مكانها المرأة.. لأن الأم دائما هي المرأة.
وبعد أن صارت المرأة قاضيا ومحافظا ووزيرا ورئيس بنك وشركة وضابطة وطبيبة ومهندسة وكاتبة كبيرة لم يعد أحد يماري في جدارتها وأحقيتها في تولي أعلي المناصب القيادية إلا أولئك الذين عزلوا أنفسهم عن الحياة فاضطربت رؤيتهم للواقع وتفاعلاته ومستجداته.
ولم يعد هناك فرق بين الرجل والمرأة من ناحية النضج العقلي والعلمي.. ولم يعد مستساغا الانتقاص من قدر المرأة وجدارتها فقط لأنها امرأة.. ولم يعد مستساغا إنكار حقها في تولي المناصب القيادية فقط لأنها امرأة علي نحو ما حدث من حزب النور عند تعيين السيدة نادية عبده محافظا للبحيرة.
لقد قطع مجتمعنا شوطا طويلا في مسيرة الارتقاء بالمرأة.. وبقي أن يقطع شوطا مهما ومسئولا في مسيرة الرحمة بالمرأة.. المرأة التي تكافح من أجل بيتها وأسرتها.. وتبذل أضعاف ما يبذله الرجل من جهد حين تجمع بين العمل وبين مسئوليتها تجاه أسرتها.. وهي مسئولية عظيمة ومرهقة لو تعلمون.
وتزداد معاناة المرأة ومسئولياتها عندما تصبح هي العائل الوحيد لأسرتها.. بعد عجز الزوج أو وفاته.. هذه المرأة التي يسمونها "المعيلة" تستحق من الدولة ومن المجتمع أن ينظر إليها بعين الرحمة.. ويساعدها في أداء رسالتها السامية.. حتي تقدم للوطن أبناء وبنات صالحين.. يساعدون في البناء وليس في الهدم.
هل تصدق أننا نحتفل باليوم العالمي للمرأة وبعيد الأم وعام المرأة ونحن نرتكب أسوأ ألوان الظلم تجاه هذه السيدة التي لا تحصل علي معاش أكثر من 400 أو 500 جنيه شهريا.. أو هذه السيدة التي تعيش في عشة مع ثلاثة أبناء يعانون من برد الشتاء وقيظ الصيف.. أو هذه السيدة التي لا تجد ما تشتري به دجاجة طوال الشهر فتكتفي بشراء الهيكل العظمي لدجاجة حتي تذوق مع أبنائها طعم الحساء الساخن.
ليتنا في عام المرأة نفكر جديا في وسائل وأساليب لمساعدة هذه النماذج الفقيرة التي تحتاج إلي يد حانية في مجتمع يفعل الخيرات ولا يكتفي بالغناء والشعارات.
انظروا.. كم امرأة تسير هائمة في الشوارع لا تجد المأوي والمأكل.. وكم امرأة تقف في إشارات المرور وعند منحنيات الطرق تمد يدها لمن يرق قلبه لها.. وكم امرأة تقف في محطات المترو وتصعد إلي الأتوبيسات لبيع المناديل الورقية للحصول علي جنيهات قليلة آخر النهار.. هذه نماذج للمرأة التي لا يريد المجتمع أن يراها لأنها في الحقيقة تكشف عورته وتفضح ظلمه.
نريد أن يكون احتفالنا واحتفاؤنا بالمرأة عمليا وله أثر حقيقي يغير الواقع إلي الأفضل.. المرأة هي كل النساء.. وليست فقط "بنات الجزيرة" وعضوات المجلس القومي وسيدات الروتاري والإنرويل.. هناك جانب آخر من الصورة يجب أن يشغلنا أكثر للمرأة التي تستحق المساعدة لأنها تستحق الحياة الكريمة.
إشارة:
في حوار للسيدة نادية عبده مع "المصري اليوم" الأربعاء الماضي قالت: "لم يكن انضمامي للحزب الوطني اختياريا.. الموظف المسئول كان مطالبا بالالتحاق بالحزب كوضع طبيعي للمرحلة السياسية وقتها".. هل هذا منطق مقبول؟!