التحرير
محمد عبد الرؤوف
جاوبوا على «أُمّ السؤال»!
عد ثورتين وإلى الآن، لم يُجِب أحد عن السؤال: «هل من الممكن أن ننهض بالاقتصاد المصرى عن طريق الاستثمارات الخارجية والداخلية مع مراعاة حقوق الشعب فى عيشة إنسانية كريمة والتعلم من دروس الماضى؟».

حتى المؤتمر الاقتصادى لم يُجِب عن السؤال (ولا حتى من خلال تصريحات الرئيس والحكومة)، ولكن تم ذكر «التنمية المستدامة» التى هى مفتاح الإجابة الصحيحة! التنمية المستدامة تُعرف علميا بأنها التنمية من أجل تحقيق احتياجات الحاضر دون الإضرار بحقوق الأجيال القادمة فى تحقيق احتياجاتها أيضا! ولكن، خد بالك، الأهم هو أن التنمية المستدامة مقصود بها تنمية المجال الاقتصادى والاجتماعى والبيئى معًا وليس كما يعتقد البعض من أن الغرض منها هو التنمية الاقتصادية المستدامة فقط!

على سبيل المثال وعند دراسة أحد المشاريع، يجب أن لا نهتم باقتصاديات المشروع فقط إنْ كنا فعلا نتحدث عن التنمية المستدامة، ولكن يجب أن نراعى الجانب الاجتماعى مع الاهتمام ومراعاة الجانب البيئى من عدم الإسراف فى استخدام الموارد الطبيعية ودون الإضرار بتلوث البيئة!

حابسّطهالك، يعنى يجب أن لا نسمع تصريحات مثل: إن معدل النمو سيزيد بنسبة 3% بنهاية العام ليصل إلى 5%! هذا اهتمام بالتنمية الاقتصادية فقط ولا يتناسب مع مفهوم التنمية المستدامة التى تهتم أيضا بالجانب الاجتماعى والبيئى معًا! ولهذا يجب أن نذكر إلى جانب معدل النمو الاقتصادى معدل البطالة ومعدلات الخدمات الصحية والتعليمية حتى نستطيع أن نحكم إن كانت تنمية الوطن شاملة الشعب بفقرائه أم لا!

على الهامش، التنمية المستدامة الحقيقية فى مصر يجب أن تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتنمية والاستثمار فى مجالى الزراعة والصناعة حتى نضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة من تحسين الخدمات الصحية وتوفير تعليم جيد ومحاربة الفقر وتقليل نسب البطالة.

المهم الآن هو ما تضمنته استراتيجية التنمية المستدامة لمصر حتى عام 2030، والتى علمنا بوجودها بالصدفة من خلال المؤتمر الاقتصادى! بصراحة، تضمنت الاستراتيجية محاور مهمة مثل الصحة والتعليم والبحث العلمى والأمن القومى إلى جانب التنمية الاقتصادية. ويُحسب للاستراتيجية أيضا شجاعتها فى ذكر -ودون مواربة- ما ينقصنا على صعيد الأمن القومى والحريات من غياب لاستراتيجية واضحة وعدم نضوج البيئة السياسية! أما من ناحية المضمون فلا جديد (كلام إنشا)، إذ لم يتم ذكر أهداف واضحة وملموسة ولم نعلم البرنامج الزمنى للتنفيذ! والدليل أن أحد الأهداف العامة لاستراتيجية مصر 2030 هو العمل على تأكيد أن مصر هى أم الدنيا! أُمّ وأب إيه، هو انتو بتهزروا؟ دى استراتيجية يجب أن تُكتب على أساس علمى مش على أساس كلام «المصاطب»!

التعليق بعدم ذكر أهداف يبدو تعليقا تقليديا (هو فى حاجة فى مصر لها أهداف؟ كله ضباب)، ولكنى أصبحت على يقين من أن من يكتب هذه الاستراتيجيات والخطط يتعمد عدم ذكر أهداف لأنها سوف تكون ملزِمة عليهم وعلى مسؤولى السلطة التنفيذية! اختصارًا، لم يُجِب أحد عن السؤال، ومن الواضح أن شخصًا «غشّش» بعض المسؤولين ونصحهم بقول «تنمية مستدامة» ولكن النتيجة الحقيقية لم يُجِب ولم ينجح أحد!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف