تقدم وتأخر الشعوب بسبب الحكومات والحكام، وليس بسبب الشعب وضعف أو قلة الموارد، والنمو السكانى والمؤامرات وغيرها من الأمور تعلق عليها شماعة فشلها، وعجزها عن تحقيق النمو والنهضة الاقتصادية لشعبها.
فتجربة اليابان خير دليل على فشل الحكومات العربية ومنها مصر فى تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية خلال العقود الماضية، ولكن بفضل الإدارة الجيدة حققت اليابان نهضتها من لا شىء، فهى لا تتمتع بثروات معدنية أو مواد أولية ولا بحور من النفط، ولا موقع استراتيجى، ولا حضارة 7 آلاف سنة، ومعظم إنتاجها يعتمد على استيراد أغلب مواردها الأولية، ولكن وضعت فى هدفها الإنتاج والتصدير، وليس سياسة إحلال الإنتاج محل الواردات، بل قامت بنهضة اقتصادية، وحققت تقدماً كبيراً فى مجال الصناعة لدرجة كبيرة.
فقد قامت الحكومة هناك بالاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، تحت غطاء دعم كامل، ليس مجزءاً بين الوزارات والهيئات والفساد الإدارى للموظفين، ولكن قطعت كل رقبة تحاول الإفساد، والرشوة، ووضع منظومة متكاملة من إقامة مجمعات صناعية، وتقديم التمويل والتدريب الفنى والإدارى لأصحاب هذه المشروعات ليس على ورق وأرقام تذكر أمام القيادة السياسية، ولكن على واقع ينفذ على أرض الواقع، وشرفاء هدفهم نجاح المنظومة، وليس الابتسامة والجلوس فى الغرف المكيفة، وإنما بالنزول إلى أرض الواقع ورؤية المشاكل والمعوقات وحلها فى الحال، لا الانتظار لسنوات حتى يحل مشاكله مع المحليات أو الأمن، ولم تتوقف الحكومة عند هذا بل قامت بمساعدة هذه المشروعات من أجل الإنتاج وفقاً للمواصفات العالمية وبجودة عالية مما دفع المشروعات الكبرى إلى الاعتماد عليها وتتخلى طوعاً وليس كرهاً عن مكونات التصنيع المستوردة.
وتلخص الدكتورة مها محمد الشال مدرس بمركز التخطيط والتنمية الصناعية بمعهد التخطيط القومى في ورقة بحثية المعوقات فى طول فترة الحصول على موافقات، خاصة المرتبطة بالتراخيص، طول فترة الحصول على التمويل يستغرق وقتاً طويلاً بسبب عدم استكمال المستندات المطلوبة من جانب المستفيد، وتعدد الجهات التى يتعامل معها المستفيد، ومشاكل فى الموافقات من قبل البنوك، خاصة أن كثيراً من المشروعات لا تمتلك قوائم مالية معتمدة أو ضمانات عينية تسهل الرجوع إليها حال التأخر عن السداد، وعدم إجراء دراسات جدوى للمشروعات، ومشكلات التسويق للمشروعات وعدم قدرتها علي منافسة المنتجات المستوردة، وعدم القدرة على تحمل تكاليف التسويق.
من الآخر نجاح منظومة النهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة يتوقف على الحكومة، فهذا القطاع يحتاج إلى أب شرعى نقيم أداءه، ونصحح مساره، وتعطى له الحكومة كل الصلاحيات من أجل النهوض بهذا القطاع.