تذكرة السينما كانت تقريباً بقرشين لا أكثر.. وهو مبلغ لم يكن بالنسبة لنا سهلاً.. لان الأولوية للسندوتش والمواصلات.. وفي الأيام التي كنا نري فيها ان الجدول المدرسي ليس فيه ما يستدعي وجودنا.. نعقد النية علي التزويغ.. وكنا نعرف ان السينما هي هدفنا الوحيد.. لم تكن أغلب بيوتنا فيها تليفزيونات.. لذلك كانت الأفلام تلهب خيال المراهقين من أمثالنا..
وفي الطريق إلي المدرسة عند شارع السواح بالقرب من الأميرية.. كنا نحلم بتوفير ثمن تذاكر السينما.. ولأن الجيوب كانت مفلسة.. وانصرفنا رسميا من المدرسة قبل المواعيد.. وكنا قد أنفقنا أغلب ما نملك في الإفطار وما إلي ذلك.. وها هي السينما تنادينا وعلينا أن نلبي النداء.. لكن العين بصيرة واليد قصيرة.. والفيلم سمعنا عنه ممن سبقونا إلي سينما حدائق الزيتون وإلي جانب فيلم "شاطئ المرح".. هناك "جيمس بوند".. وطاخ طيخ.. يعني الوجبة دسمة.. والوقت مناسب.. لكن أين التمويل؟..
مشينا علي الرصيف نفكر في تدبير الأمر.. وحسبناها من كل ناحية ولم يكن كل ما نملكه يوفر لنا ثمن التذاكر.
صديقنا حمدي الهنيدي.. قال: ان مشكلته ليست في الفلوس نفسها لكن في الحصول عليها من بيتهم في باب الحديد حيث يسكن.. وكان حمدي وسيماً ودائماً يذكرنا بأنه من عائلة كبيرة وان سكنه في حارة متفرعة من "كلوت بك".. يأتي من باب التواضع كما ان المسكن ملك العائلة ويتمتع بوجوده وسط البلد وهي ميزة لا يجب التفريط فيها وكنا نصدقه أحيانا.
أما ثالثنا رشدي العربي وأطولنا قامة فكان يتمتع بمصروف أكبر.. فهو الابن الوحيد لوالده.. لكنه لم يكن يستطيع أن يأخذنا مادياً تحت جناحه..