المساء
محمد جبريل
الوطن العربي .. وسباق التسلح


لم يطل انتظار العالم لإعلان ملامح السياسة الخارجية لحكومة الرئيس الأمريكي ترامب. أعلن ترامب هذا الأسبوع رفع الإنفاقات العسكرية لبلاده بنسبة 20%.
ولأن كل فعل له رد فعل. أو ردود أفعال. تساويه. أو تحاول مجاوزته. فقد أعلن الرئيس الروسي بوتين ان بلاده ستزيد من إنفاقات التسلح 7%. كذلك اعلنت حكومة الصين زيادة نسبة التسليح في ميزانيتها القادمة. بينما أعلنت اليابان إن إنتاجها من الأسلحة لن يقتصر علي السلاح الدفاعي. بل ستولي اهتماماً للأسلحة الهجومية. وهو ما ألزمها به الجنرال ماك أرثر قائد قوات الحلفاء. عقب هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. ثم ما ألزمت به نفسها في الاقتصار علي الأسلحة الدفاعية. إلي جانب صناعاتها المدنية التي قفزت باقتصادها إلي المقدمة بين اقتصاديات العالم. وفي أواخر عهد حكم أوباما. أعلن نتنياهو اعتزازه بتسلم الكيان الصهيوني أحدث مقاتلات في الترسانة الحربية الأمريكية. وانها ستفرض قوة إسرائيل علي من يجاهرها بالعداء!
الوطن العربي يشارك في سباق التسلح منذ أفلح التآمر الغربي والتخاذل العربي في تحويل الكيان المزعوم إلي دولة. ترفع الديمقراطية شعاراً. بينما تشمل ممارساتها إرهاب الدولة. والتباهي بأن يدها تستطيع ان تبلغ اي مكان في العالم.
لعلنا نذكر حكاية جمال عبدالناصر مع استيراد السلاح. لم يكن في دائرة اهتماماته. شغله تحويل البلاد إلي مجتمع منتج. وأعلن سعيه للتصنيع من الإبرة إلي الصاروخ. وانشأ مجلساً أعلي للإنتاج برئاسة الخبير العالمي إبراهيم حلمي عبدالرحمن. ثم فطن إلي خطورة الأوضاع. عندما شنت إسرائيل هجوما علي منطقة الكونتيلا. وقتلت ما يقرب من العشرين جندياً شهيداً. بدأ عبدالناصر رحلة البحث عن السلاح الذي يدرأ به الخطر الماثل في الأفق. وواجه تعنتاً في المواقف الأمريكية. فلما عرض المشكلة علي الزعيم الصيني الراحل شو إن لاي نصحه باللجوء إلي الاتحاد السوفييتي آنذاك. وأضاف وعده بتقريب وجهتي النظر اللتين كانتا متعارضتين بين القاهرة ومسكو. ووقع عبدالناصر اتفاقيات الأسلحة الروسية "التشيكية" التي نزعت غلاف الدعم الأمريكي المعلن لإسرائيل. صار استيراد السلاح وتصنيعه. هماً رئيساً للقيادة المصرية. عمقه توالي الحروب في العدوان الثلاثي. وحرب 1967 وحرب الاستنزاف. ثم حرب العبور. ونتيجة للمؤامرات الغربية والصهيونية فقد تحولت نسبة كبيرة من ميزانيات الأقطار العربية لاستيراد أحدث الأسلحة. وإن استدعت التطورات. واختلاف نزاعات إقليمية. وفي داخل القطر الواحد. شراء الأشد حداثة. بما أتاح للشركات المتعددة الجنسيات. وشركات الأسلحة. مضاعفة مواردها. إلي جانب إضعاف القدرات العربية في معركة التنمية. والأمثلة نتعرف إليها في التأثيرات الخطيرة التي يعانيها الوطن العربي. كأنها المسلسل الذي لا يريد صانعوه ان يضعوا له نقطة الختام.
سعياً لاستراتيجية عربية حقيقية. أشار إليها الملك الأردني عبدالله في الدعوة لمؤتمر القمة العربية القادم. فإن أهم أولويات تلك الاستراتيجية هي إنشاء صناعة قومية للسلاح. تتوزع شركاتها في الوطن العربي. بما يقلص الإنفاقات العربية علي واردات التسليح. ويضيف إلي القوة العسكرية والعلمية والتكنولوجية مصادر جديدة. يفرضها سباق التسلح الذي نضطر لخوضه. ولو للدفاع عن استقلال الوطن.. ومصيرنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف