تكراراً للعادة الاسرائيلية في قلب الحقائق. فقد استبدلت حكومة نتنياهو شرط الاعتراف باسرائيل دولة يهودية رداً علي شرط السلطة الفلسطينية بالموافقة علي العودة إلي المفاوضات إذا أوف الكيان الصهيوني عمليات الاستيطان.
ورغم تحفظي علي استمرار المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية في ظل النتآئج التي انتهت إليها. وهو سيطرة اسرائيل علي أكثر من 80% من أرض فلسطين. فإن الشرط الاسرائيلي الجديد يعني- كما أوضح السفير العرابي في رسالة إلي الكاتب الصحفي الزميل صلاح منتصر- إجبار فلسطيني الارض المحتلة علي التحول إلي الديانة اليهودية. أو اللجوء.كما سبقهم فلسطينيون آخرون- إلي المنافي في الشتات.
النظرة المتأملة تبين عن تناقضات كثيرة في العملية السلمية بين العرب وإسرائيل. أولاها أن أصحاب الارض يظلون في المنافي. أو يعودون وفق شروط أقرب إلي المستحيل "ظلت عودة المهجرين أخطر العقبات في جدول المباحثات الفلسطينية الاسرائيلية" بينما كل الابواب تفتح أمام المستوطنين.
أنت يهودي. فمن حقك ان تحيا في إسرائيل. لا شأن لذلك بالوطن الذي أتيت منه الفلسطيني لايعرف له موطناً ووطناً إلا فلسطين أما اليهودي فهو وافد من روسيا أو بولندا أو الولايات المتحدة أو غيرها من بلدان العالم.
بورخيس يأخذ علي الدولة الصهيونية أنها قد تجعل اليهودي إنساناً مبتذلاً مقيداً كالاخرين بتراث واحد. وببلد واحد فقط. وبدون التعقيدات والاختلافات التي تخصب اليهود في تباين وطنهم. وجهة نظر تشفق علي اليهود ولا تدينهم أهمل الاستيطان والارهاب واحتلال أرض الغير بالقوة المسلحة وقتل الابرياء ومعاملة الفلسطينيين عموماً باعتبارهم الادني بالنسبة لليهود- وهو ماي لغي ادعاء بن جوريون إن اسرائيل هي مجتمع العاملين الذين يكدحون بأيديهم وعقولهم دون استغلال أو طبقية!.. أهمل بورخيس ذلك كله واكتفي باظهار الاشفاق علي اليهود ولعلي اذكرك- في المقابل- بالمقالة القنبلة التي أدان ماركيث فيها العنصرية الصهوينية وطالب بجائزة نوبل في القتل لرئيس الوزراء شارون!
مع ذلك فإن معظم المراكز ومعاهد الابحاث الاسرائيلية تذهب- من خلال بيانات وتحليلات وأرقام- إلي أن الخطر الديموجرافي هو أشد ما يواجهه الكيان الصهيوني من أخطار وإذا لم تبذل الدولة العبرية جهداً- يتحدثون عنه ولا يرسمون ملامحه- فإن دولة اسرائيل ستتغير تركيبتها السكانية الحالية فلا تظل دولة يهودية وصهيونية.
القنبلة البيولوجية الفلسطينية هي الخطر الذي يتهدد اسرائيل. وقد حرص قادة الكيان الصهيوني - وهم يسجلون أحلامهم في أوراق وخرائط- علي يهودية الدولة المشروع وانه لابد ان يركن العرب إلي اليأس من العيش في أرض اسرائيل الكبري وطبيعي ان أي كيان استيطاني يواجه بمقاومة شديدة من السكان الاصليين إنه يريد الاحلال وليس الجيرة طرد أبناء البلاد والعيش بدلاً منهم ذلك ما حدث في بلاد كثيرة علي مدي التاريخ وأقربه إلي الاذهان ما حدث في جنوب افريقيا وروديسيا "موزمبيق" وغيرها وهذا ما يحدث الان في فلسطين. وهنا تأتي ضرورة تمسك المفاوض الفلسطيني بشرط إيقاف المفاوضات قبل استمرارها. وإلا فإن ما تبقي من الارض لن يكون في حوزة اصحابه سيظل المجتمع الصهيوني مهدداً من الداخل وبفعل التناقضات التي تحدث فيه تأثيراتها السلبية لكن تفجير هذه التناقضات أو تقرييب تفجيرها في الاقل- لن يتحقق إلا بالضغط من الخارج. بالمقاومة في كل أبعادها بمواجهة التحدي الحضاري من "الاخر" بما يوازيه أو يتفوق عليه وكما يقول عبدالوهاب المسيري فإنه إذا لم يتحرك العرب. فإن الازمة ستستمر والتهام الارض العربية سيستمر إن لم يذكر المستوطنين اليهود أن أصحاب الارض يقاومون ويطالبون بحقوقهم.