المصريون
خالد الشريف
صناعة الأزمة .. بين الأتراك والعرب
بطريقة بربرية تظهرعنصرية وحقد الغرب هاجمت الخيول والكلاب الهولندية المتظاهرين الاتراك في امستردام والذين كانوا يتظاهرون في منتهى الرقي والتحضر لمساندة الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقرر منتصف الشهر القادم .. نعم حقد دفين تجاه الدولة التركية الناهضة في ظل حكم طيب اردوغان على كافة المستويات فالغرب لا يريد لتركيا أن تتقدم ولا تنهض فقد أصيب بالهوس والجنون من الاستقرار والتماسك الشعبي مع السلطة القائمة، وكان يظن أن جموع الأتراك ستخرج رافضة للتعديلات الدستورية، فإذا بالجاليات التركية تخرج مؤيدة لتلك التعديلات فالكل يرصد التناغم العجيب لحركة الجماهير مع أردوغان، الذي ترى فيه زعيما فذا يعيد مجد الدولة العثمانية بلا شك ما حدث في هولندا تدخل سافر في الشأن التركي ويمثل عدم احترام لإرادة الجماهير التركية، فضلا أنه يؤكد أن الغرب لا يؤمن بالتعايش ولا التسامح ولا احترام الأعراف الدبلوماسية وكل مايردده يعد شعارات جوفاء ودخان في الهواء ..". وذلك في ظل تزايد الاعتداءات العنصرية على المسلمين الأتراك في أوروبا خلال الآونة الأخيرة وقد تنوعت هذه الاعتداءات سواء على مساجد او مراكز ثقافية ما بين كتابة عبارات عنصرية على جدران او رمي رؤوس خنازير داخلها ورغم ذلك اعتقد إن هولندا قدمت فرصة ذهبية إلى تركيا قبيل الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية فالإدارة التركية في ظل اردوغان تسثمر الازمات وتحولها إلى فرص تستغلها وهي ما فعلته تركيا باستثمار الخطأ الهولندي والألماني بشكل كبير لإقناع عدد كبير من الجاليات التركية في أوروبا بضرورة التصويت بنعم في الاستفتاء، وكذلك استثمار الموضوع جيدا في داخل تركيا. وهذا ما فعله اردوغان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز الماضي حيث استثمر الانقلاب في زيادة اللحمة التركية بل استطاع أن يحول الانقلاب الفاشل الى تطهير كل الأجهزة من جماعة فتح الله غولن وخصومه السياسيين الذين تغلغلوا في كل مفاصل الدولة وهذا ما يميز حقيقة الإسلاميين الأتراك عن الإسلاميين العرب في قدرتهم على تحويل الأزمات إلى فرص يمكن الاستفادة منها بشكل كبير واستخدامها كورقات ضغط في السياسة والاقتصاد عكس الإسلاميين في بلادنا العربية فهم بارعون في تحويل الفرص إلى كوراث مدمرة ويتضح ذلك من تعاملنا مع ثورات الربيع العربي التي حملت الحرية للإسلاميين وغيرهم الذين عانوا عقودا طويلة من الاضطهاد والاقصاء وكانت ثورات الربيع العربي فرصة ذهبية وتاريخية لن تعوض في القضاء على الاستبداد والفساد وترسيخ الديمقراطية والعدالة والنهضة فإذا بنا نحول الثورات إلى حالة استقطاب وصراع وفوضى نتيجة ضيق في الافق وعدم الفهم أن الثورات تحتاج لنجاحها التوافق والحوار وترسيخ المشاركة للجميع وليس الاستحواذ ومحاولة الانفراد بالحكم فتحول الربيع العربي إلى فتن ودخلنا في حالة استقطاب واسعة في المجتمع مما أدى الى تعميق الأزمات والانقلاب على هذا الربيع العربي. حقيقة العقلية التركية أكثر نضجا وفهما للواقع وقدرة على المناورة من العرب وهذا يفسر التقدم المذهل للاتراك في ترسيخ تجربتهم الديمقراطية رغم كل المؤمرات التي تدور حولهم والمكائد المدبرة من قبل جيرانهم الاوربيين فإذا بهم يخرجون منها أكثر قوة وتماسكا والعجديب أن الإسلاميين العرب يعلقون فشلهم بكثرة المؤمرات حول تجربتهم القصيرة في الحكم رغم ان أي حكم في الدنيا تحوطه المؤمرات من كل جانب فالجلوس على كراسي السلطة ليس مفروشا بالورود والرياحين بل مليئ بالعقبات والعثرات والمؤامرات وهذه سنن الله في خلقه ..فالقائد الفذ يبصر المؤمرات قبل أن تقع ويستشرف المستقبل ويقضى على الفتن في مهدها لكن العكس يحدث من الاخوة الاسلاميين العرب فهم بارعون في تجيش الاعداء ضدهم وتفاقم الازمات وإشعال الاوضاع بقلة الخبرة وضيق الافق وحب الاستحواذ ...منذ أيام جمعني لقاء مع الباحث المتخصص في الشئون العربية التركية ،الدكتور زبير خلف الله وكان الحديث عن قدرة الاتراك على استيعاب المشكلات وخلق الفرص حيث أكد "أن الاتراك استطاعوا أن يجعلوا من الحرب السورية فرصة للتمدد في المنطقة وكذلك تحويل أزمة تدفق اللاجئين السوريين الكبيرة إلى ورقة ضغط على أمن أوروبا واستقرارها الذي أصبح مرتبطا أساسا بتركيا. حقيقة من المهم جدا التعلم من الاتراك ألا نترك الأهداف الأساسية التي تحقق نهضة أمتنا وندخل في معارك جانبية وشقاق وصراعات سياسية تخلق مزيدا من الاحتراب والتقاتل . نعم لايزال في الوقت متسع لاصلاح ما أفسدناه بأيدينا من فرقة وتشرذم إلى وحدة للصف وجمع للشمل لانهاء حالة الاستبداد والفساد وبناء دولة ديمقراطية يتعايش فيها الجميع بكل حرية..ولا نستعجل قطف الثمار فالصبر زاد المناضلين في طريق تحقيق نهضة بلادهم .."وإذ قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين "
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف