الوفد
عباس الطرابيلى
لاعبو الكرة.. وتجارة الرقيق!
يقولون إن ليونيل ميسى نجم فريق برشلونة الكتالونى- وهو أرجنتينى الأصل سيحدد عقده مقابل راتب شهرى خيالى.. ويتنافس للحصول عليه كل من نادى مانشستر سيتى.. ومانشيستر يونايتد.. والثمن المعروض هو 40 مليون يورو.. يعنى كام بالمصرى.. يارجالة؟!!
وربما يكون هذا السعر هو الأعلى فى سوق الرقيق الجديد، المعروف عصرياً- باسم عقود لاعبى كرة القدم.. وسبقته أسعار أخرى لمعظم اللاعبين، ولكن جاء ميسى فى المقدمة.. فكم من هذه الأرقام يحصل عليه اللاعب نفسه- وهذا حقه- وكم نصيب المالك القديم- الجديد- من هذا المبلغ.. فهل هذا النظام يفرق عن نظام بيع الرقيق الذى ظل سائداً من قديم الزمان- إلى أن تم تحريمه دولياً فى النصف الأول من القرن الـ19.. والتزم به الخديو إسماعيل نفسه فأصدر فرماناً بإلغاء تجارة الرقيق فى مصر والسودان، وأوغندا وسواحل البحر الأحمر.
<< وقبل ذلك كان سوق الرقيق هو أشهر الأسواق فى إفريقيا، المصدر الأساسى.. ووسط آسيا.. بل أوروبا.. وكان تاجر الرقيق هو الأكثر ربحاً، وكانت تجارته هى الأشهر. وكان يقف- ومعه الدلالون- يعرضون مزايا العبد أو العبدة. كان يشرح مزايا الرجل- أو الصبى- من حيث مظاهر القوة والنجابة.. والوسامة.. ويشرح مزايا الفتاة أو الصبية، ويعدد مزاياها الجمالية، وقدرتها على الرقص وتسلية سيدها!! بل فى مصر من يفخر بأن جده كان غالى الثمن.. فيقول أن جده ـ مثلاً ـ بيع بمبلغ 1000 دينار.. فصار اسمه ـ واسم كل الأسرة من بعده- هو الألفى، وإن كان يدعى بضعهم أن الاسم يعود- بعد ذلك- إلى أنه كان يقود 1000 من الجنود.. ولكن التسمية الأولى هى الأغلب.. ووجدنا من يحمل اسم ميتكيس.. أى اشتراه سيده الجديد ودفع فيه 100 كيس من النقود. والكيس كان به 500 قرش!!
<< فما هو الفرق بين رقيق زمان- رغم أن منهم من صار سلطاناً أو أميراً من أمثال الظاهر بيبرس «البندقدارى» الذى ينسب إليه لأنه هو الذى اشتراه!! وبرقوق وقلاوون.. وعلى بك الكبير نفسه وتابعه محمد بك أبوالذهب الذى خان سيده على بك وسلمه لأعدائه.
ما الفرق بين سوق الرقيق هذه زمان- وتذكروا فيلم أنور وجدى الشهير أمير الانتقام- وبين سوق لاعبى كرة القدم الآن.. أليسا من طبقة واحدة، بل من فئة واحدة. وإذا كان المشترون زمان يتنافسون للحصول على أقوى الصبية.. أو أجمل الفتيات.. فإن المشترون الآن يتنافسون على اللاعب الأكثر إجادة.. والأقدر على إحراز الأهداف.. وكله مكسب!!
<< نقول ذلك لأن النادى أصبح هو التاجر الشاطر الذى يحسن إعداد لاعبيه ويحسن تلميعهم.. ليتكالب عليهم من يعرض الثمن.. ويفوز به من.. يدفع أكثر!! وتتصارع الأندية- وبعضها الآن ملك لأفراد أو حتى لشركات مساهمة.. أو ملك للجمعية العمومية.
ترى ما هو نصيب لاعبينا المصريين من هذه التجارة.. ومنهم من يلعب الآن فى أندية أشهرها أوروبى.. وبعضها عربى أو آسيوى.. وهناك الآن من يسعى للحصول على أحدهم، وكله بالثمن، الثمن هنا يحسب بعشرات الملايين.
<< ترى يمكن أن نصف هؤلاء بأنهم الآن من الرقيق الحديث.. أم أن تجارة الرقيق نفسها عادت.. ولو فى ثوب جديد؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف