المساء
محمد جبريل
ع البحري .. اليمن ومسئولية القمة العربية
في الستينيات. تدخلت القوات المسلحة المصرية لمساعدة ثوار اليمن علي التخلص من حكم الآئمة. عاد محمد حسنين هيكل من رحلته الأولي إلي اليمن. فسجل رؤيته للأوضاع هناك. روي عن آدم أبي البشر انه أراد التعرف إلي ما صنعه أبناؤه في الدنيا. جلس في كابينة قيادة بطائرة تنقلت بين مدن العالم. ينصت معجبا إلي وصف القائد للأماكن والقسمات والملامح. وفي موضع ما علا صوت آدم مقاطعا: لا تصف لي هذا المكان فهو يبدو كما كنت أعرفه. إنه اليمن.
الدلالة واضحة. لذلك كانت قيمة التدخل المصري لتدعيم الثورة اليمنية. والمضي باليمن السعيد إلي السعادة بالفعل. زال حكم الائمة. وعرفت الحياة العصرية طريقها إلي مدن اليمن وقراه وجباله ووهاده. لكن الأوضاع الداخلية ظلت علي انتمائها إلي القرون الوسطي. وهو ما يسهل التعرف إليه حتي الآن في المشهد اليمني. حتي النسق المعماري نسبته اليونسكو إلي التراث العالمي.
القات هو أخطر الظواهر في حياة اليمن. لا يزال يحزننا بتأثيراته السلبية فيما يطالعنا من مشاهد الحياة هناك. المأساة تشمل كل اليمنيين بداية من القيادات العليا. وانتهاء بمن لا يجدون قوت أيامهم. مرورا بالمتقاتلين من الجيش اليمني والفصائل المسلحة المعارضة.
أعقب ثورة السلال ورفاقه. توالي العديد من الانقلابات. كانت منطلقاتها شخصية أو قبلية أو ممولة بدعم اقليمي أو دولي. بحيث جعلت من معظم المناطق اليمنية في الصورة التي خلفها آدم. حتي ثورات الربيع التي تفاوتت نتائجها في الأقطار التي لامستها. تحولت في حياة اليمنيين إلي كابوس مفزع. وكما تشير البيانات فإن 17 مليونا من أبناء اليمن يعانون انعدام الأمن الغذائي. بنسبة 70% من مجموع المواطنين. والنسبة الغالبة من الأطفال الذين يقتلهم الجوع بصفة يومية.
أعلن احمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية عن ضرورة التدخل الدولي لانقاذ الشعب اليمني من المأساة التي تتهده. وللأسف فإن الحاكم الذي خرج الملايين بالثورة عليه هو سبب المأساة. من خلال القات - الظاهرة التي حرص علي تعميقها - والفساد الإداري. وفرض القبلية. وغيرها. انقاذ اليمن من الأوضاع التي وصفتها المنظمات الدولية بأنها اخطر المجاعات في العصر الحديث. لن يتحقق بمجرد مساعدات الاغاثة الدولية.
المبادرات العربية يجب ان تسبق كل الخطوات الدولية. لأن الشأن قومي. لا يقتصر علي سد غائلة الجوع. وإنما يشمل انقاذ اليمن من المصير الذي يتهدده. بالتدخل القومي طلبا لصالح الشعب اليمني. ودرءا للمؤامرات الاجنبية. واستعادة المسار الحقيقي للثورة التي أزالت حكما لم يكن يقل في فساده وقسوته عن حكم الائمة.
انقاذ اليمن لا يحتاج إلي مناشدات. بقدر ما يحتاج إلي مبادرات عربية تضع حكم اليمن في أيدي ابنائه.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف