الأخبار
جلال دويدار
من المسئول عن انفلات سعر الرغيف السياحي؟!
شيء طيب يأتي في إطار المسئولية التي يجب أن تضطلع بها الدولة.. الحرص علي الالتزام بتوفير ودعم متطلبات الحياة المعيشية للفقراء ومحدودي الدخل الذين يمثلون الغالبية العظمي من ابناء الشعب. يأتي ذلك انطلاقا من أحقية هذه الفئة في الرعاية من جانب الدولة لمساعدتها علي مواجهة ظروف الحياة الصعبة. أي تقصير أو تهاون أو إهمال في القيام بهذه المسئولية يدخل في إطار الاخلال باحتياجات الأمن القومي الذي يضر بأمن واستقرار الدولة.
من ناحية أخري وفي هذا الإطار فإن هذه المسئولية تحتم علي الدولة واجهزتها الانتباه إلي تفعيل الدستور الذي يدعو إلي المساواة بين جميع الحاملين لهوية هذه الدولة دون النظر لحالة أي فئة اجتماعية. إنها وبحكم هذه المسئولية مطالبة بأن تشمل هذه الرعاية حتي الفئات التي لديها القدرة المالية علي تحمل ارتفاع الأسعار بشكل عام. يأتي هذا الدور الاساسي في ممارستها لسلطاتها المستمدة من الدستور والقوانين المنظمة التي تفرض عليها القيام بعملية رقابة الاسواق للحد من موجة الاستغلال والتربح غير المشروع بتعرض هذه الفئات غير الخاضعة للدعم.
حول هذه القضية وفي إطار مسئوليتها الاعلامية لفت نظري وزاد من إحساسي بالدور المهني البناء الذي تقوم به صحيفة »الأخبار»‬ ما أبدته من اهتمام في التحقيق الصحفي المنشور صباح الثلاثاء الذي أعده الصحفي الشاب مصطفي علي . يدور هذا التحقيق حول الجنون الذي أصاب سعر ما يسمي بالرغيف السياحي ليصل إلي ٧٥ قرشا ومائة قرش دون سبب أو مبرر يجعله يتناسب مع هذا السعر. لم يقتصر الانحراف علي التعامل في السوق وفقا لهذا التجاوز في السعر وانما شمل أيضا الجودة والوزن وهو ماامتد وللاسف إلي الرغيف الذي تدعمه الدولة.
ليس من توصيف لما يحدث وتواصلا مع ما جاء مع هذا التحقيق الصحفي الجيد سوي ان الحكومة في دولتنا السنية قررت بمحض ارادتها التخلي عن مسئوليتها في مراقبة الاسواق وفرض الانضباط علي الاسعار بالصورة التي تحقق العدالة لجميع المتعاملين بائعا ومشتريا.. هذا الفساد الذي يجري تفعيله علي اساس الفهم الخطأ لآلية اقتصاديات السوق يؤكد ان الجهات المعنية بالرقابة والمتابعة لا تقوم بمسئولياتها. أنها تري ان الاستغلال والتربح غير المشروع والذي يتم »‬عيني عينك».. في مقابل المعلوم »‬الرشاوي» لا يدخل ضمن هذه المسئولية. هذا السلوك لا يمكن القول بانه يتم مجانا ولوجه الله ولكن المؤكد أنه بغض النظر لابد ان يكون له مقابل.
هذا الامر ورغم الاعباء الكثيرة والثقيلة التي تتحملها هيئة الرقابة الادارية والاجهزة الرقابية الأخري في مطاردة الفساد فإنني ارجو من مسئوليها أن يولوا هذه القضية اهتمامهم باعتبارها جزءا من هذه المنظومة التي اصبحنا نئن من وطأتها.
أعتقد أن أي تقييم من جانب الخبراء لتحديد السعر المناسب والعادل لهذا الرغيف السياحي المنفلت.. سوف يؤكد أن هناك مغالاة وتزيد في السعر السائد حاليا. إن أحدا لا يطالب الدولة بالإفتئات علي أصحاب الافران المنتجة لهذه النوعية من العيش والذين يجب أن يحصلوا علي الربح العادل لما يقومون به في هذا المجال.. الا أن ذلك لا يعفيها من مباشرة رقابتها لتحقيق هذا الهدف توافقا مع المساواه في المواطنة ومسئولياتها. لابد أن يكون معلوما ان المستهلكين لهذا الرغيف السياحي هم في نفس الوقت مواطنون في هذا البلد من حقهم التمتع بكل حقوق الرعاية بعدم وقوعهم فريسة للسرقة والاستغلال. يأتي ذلك حتما في مقابل التزامهم بواجبات والتزامات هذه المواطنة.
في هذا الشأن فإنه يجب أن يكون معلوما لدي الحكومة وأجهزتها أنه ليس مطلوبا منها في ممارستها لمسئولياتها الجنوح إلي التعامل مع مواطنيها علي اساس »‬خيار وفقوس». أتمني أن تكون هذه المشكلة ضمن اهتمامات الدكتور علي مصيلحي وزير التموين الذي عملت مافيا التربح من صناعة الخبز علي اعتبار توجهاته وقدراته.. باختلاق أزمة نقص الرغيف المدعم.
إذا كان هناك ما يعوق قيام الدولة بمسئولياتها تجاه فئة من مواطنيها بصورة مباشرة.. فإنه بالامكان اللجوء والركون إلي »‬قانون حماية المستهلك» للقيام بهذه المهمة. تعد هذه الخطوة الملاذ الأخير للمواطن من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة في مواجهة الفساد والجشع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف