الأهرام
عبد الغفار شكر
المسيرة النضالية للمرأة المصرية
تحتفل البشرية كل عام باليوم العالمى للمرأة فى 8 مارس، وهى مناسبة لمراجعة أحوال المرأة والتعرف على ما حققته من انجازات وما بذلته من جهود لاحتلال مرتبة أعلى فى مجتمعها وقد حققت المرأة عالميا انجازات ملموسة وضحت بالكثير لكى تحصل على مكانة مرموقة فى مجتمعاتها. خاصة وأنها كانت تعانى من التمييز ضدها ولم تكن هناك مساواة بينها وبين الرجل عند نشأة المجتمعات وتاريخ الانسانية حافل بنضالات المرأة من أجل الحصول على حقوقها التى تؤمن لها المساواة مع الرجل وقد اختلفت نتائج هذا النضال من بلد لاخر، فهناك دول حققت للمرأة درجة كبيرة من التقدم والمساواة مع الرجل وانعكس هذا الوضع الجديد على تقدم هذه المجتمعات وتحقيق دفعة قوية للمجتمع ككل انعكس بالايجاب على حياة المواطنين نتيجة لما حققته المرأة من انجازات وما حصلت عليه من حقوق. ولا يختلف حال المرأة المصرية عن النساء فى كثير من البلدان التى شهدت نضالا قويا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين حيث يمكن التأريخ لهذا النضال عندما عاد الشيخ رفاعة رافع الطهطاوى من بعثته فى فرنسا ليصدر كتابا بعنوان زالمرشد الامين للبنات والبنين انحاز فيه بشدة الى تمكين المرأة من التعليم الذى يفتح أمامها أبواب التقدم واكتساب مهارات لم تكن متاحة لها فى ذلك الوقت، وأسست أول مدرسة نظامية لتعليم البنات وهى المدرسة السنية التى فتحت الباب إمام انشاء العديد من مدارس البنات فى التعليم العام وقبل الجامعي. وفى الثلاثينات من القرن العشرين نجحت المرأة فى اقتحام التعليم الجامعى بإعداد محدودة ما لبثت ان تزايدت عاما بعد الاخر لتبلغ الان ما يقرب من نصف طلاب الجامعات والمعاهد العليا وهو ما تحقق أيضا فى مجال التعليم قبل الجامعي، وإذا كان نضال المرأة قد بدأ بمدرسة واحدة فى بداية القرن التاسع عشر يدرس بها عشرات البنات فان نسبة القيد الاجمالى للاناث فى التعليم قبل الجامعى سنة 2015 وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء بلغ 96.4% مقابل 94% سنة 2013 بينما بلغت فى المرحلة الثانوية 68.8% سنة 2015 مقابل 65% سنة 2013.

أما بالنسبة للتعليم العالى فقد بلغت نسبة الاناث المقيدات بمختلف الجامعات والمعاهد العليا 47.7% من اجمالى المقيدين سنة 2014.

وقد فتح تعليم المرأة الباب امامها لتولى الوظائف العامة وبلوغ أعلى الدرجات فيها، كما فتح الباب امامها للعمل فى منشآت القطاع الخاص فى مختلف المجالات من زراعة وصناعة وخدمات وتعليم. وقد انعكس تزايد دور المرأة فى المجتمع من خلال التعليم والعمل على نشاطها فى النقابات المهنية التى تمكن اعضاءها من الدفاع عن مصالحهم وانتخاب العديد من النساء فى مجالس ادارة هذه النقابات حيث بلغت نسبة تمثيل المرأة فى نقابة مهنة التمريض 87.7% عام 2015 يليها نقابة المهن الاجتماعية 60.8% تليها نقابة العلاج الطبيعى 56.4% ثم نقابة الصيادلة 54.3% ثم نقابة اطباء الاسنان 46.1% وكذلك بلغت نسبتهن فى نقابتى المهن التعليمية والتجاريين 54.3%، 44.9% على التوالي. ومن هذه الارقام يتضح ان المرأة تمثل نصف الاعضاء فى النقابات المهنية مما يؤكد حرصها على القيام بدور فى العمل المهنى وهو ما يتحقق أيضا فى النقابات العمالية ويمتد هذا الوضع الى مجالات اخرى حيث بلغت نسبة النساء أعضاء هيئة النيابة الادارية 43% عام 2015 وفى وزارة الخارجية بلغت نسبة عضوات السلك الدبلوماسى والقنصلى 21.3% مقابل 78.7% للذكور.

لم يكن الطريق معبدا أمام المرأة لتحقق ذاتها فى هذه المجالات بل كان وجودها فيها نتيجة لاصرارها ونضالها فى مواجهة قوى معادية لمساواتها بالرجل تنظر الى المرأة نظرة متدنية وجدير بالذكر ان نضال المرأة فى مختلف مجالات المجتمع لم يتراجع أبدا ولكنه كان يتزايد باستمرار وكان يحظى بقبول متزايد من المجتمع وتؤكد ذلك المادة 11 من دستور جمهورية مصر العربية الصادر سنة 2014 والتى تنص على (تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لاحكام الدستور).

وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الادارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها) وتعتبر هذه المادة تدعيما للحقوق التى ناضلت المرأة من أجل اكتسابها ونقطة انطلاق لمرحلة ارقى تحقق المرأة من خلالها وضعا اقوى فى المجتمع.

هناك العديد من الوقائع التى تسجل للمرأة المصرية ما بذلته من جهد وتضحيات لاحتلال مكانة لائقة فى المجتمع المصرى نكتفى منها بمثالين، المثال الاول مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب الذى قامت المرأة بالدور الاكبر فى تأسيسه والدفاع عنه فى مواجهة السلطة مثل الدكتورة ماجدة عدلى والدكتورة عايدة سيف الدولة والدكتورة سوزان فياض وزميلاتهن اللاتى تصدين للعديد من هجمات السلطة لاغلاق المركز والنضال من أجل إعادة افتتاحه. أما المثال الثانى فهو خاص بالدور المتميز والنضالى للدكتورة منى مينا التى خاضت لسنوات طويلة معركة استقلال نقابة الاطباء وواجهت كثيرا من الصعاب ولكنها انتصرت فى النهاية مع زملائها وزميلاتها الذين شاركوها هذه المعركة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف