عبد الرحمن فهمى
هل سنسمع عبدالحليم اليوم؟!!
الأيام تجري بسرعة. لدرجة أصبحنا نسأل أنفسنا: هل مازال اليوم 24 ساعة؟!.. تصوروا مرت أربعون عاماً علي وفاة العندليب عبدالحليم حافظ.. مَن يصدق؟!.. الوحيدة الرائعة التي تأكدت من هذا وصدقته. السيدة النشطة الدائبة العمل. إيناس عبدالدايم. الأمينة علي تراث مصر الفني. لذا قررت إحياء ذكري أحد رموز الغناء المصري الأصيل.. عبدالحليم حافظ.. لم يكن صاحب حنجرة نادرة فقط. فقد قدمت أوبرا إيناس عبدالدايم أصواتاً جميلة كثيرة.. ولكن عبدالحليم كان عنده طموح وإصرار وثقة في نفسه لا حدود لها.. أضف إلي ذلك ذكاء وألمحية لا تجدها كثيراً في الوسط الفني.
سأروي لكم قصة قديمة.. رواها لي صديق العمر "وجدي الحكيم".. وكان وجدي قريباً جداً من عبدالحليم. وغير عبدالحليم من وسط المطربين.. وصاحب أفضال علي معظم رجال ونساء هذا الوسط. فهو صاحب البرامج الغنائية المشهورة جداً التي ينتظرها الناس.. مثلاً.. وجد وجدي الحكيم المطربة وردة. رغم كل تاريخها وأغانيها الرائعة تمر بفترة صعبة للغاية.. وهي فترة قرانها بالمشير عبدالحكيم عامر. وإخراجها من مصر.. كانت الحالة المادية تحت الصفر. فنظم لها وجدي حفلاً غنائياً في الكويت. وبعد نجاح الحفل من كل الوجوه.. اضطرت رغم أنفها أن تحيي حفلاً ثانياً أكثر نجاحاً.. ولو كانت قد وافقت علي قضاء أسبوع في الكويت كما طلبوا منها.. لأنها هي وغيرها مستحيل أن تقيم ثلاث حفلات متتالية بدون راحة أيام..روي لي وجدي الحكيم حكاية عن عبدالحليم حافظ تدل علي ذكائه وبعد نظره في أولي سنوات عمره. عمر عبدالحليم!!. سمع محمد عبدالوهاب بناء علي إلحاح من أصدقائه أغنية لشاب صغير اسمه عبدالحليم مطلعها "صافيني مرة".. استمع عبدالوهاب للأغنية كعادته "وحده" في حجرة مكتبه. فطلب من وجدي الحكيم أن يبحث له عن هذا الشاب.. اتفق محمد عبدالوهاب مع هذا الشاب "الصغير" علي أن يقوم بدور البطولة لفيلم له.. وأنه سيستدعيه مرة أخري عندما يعثر علي سيناريو ممكن تكون فيه بعض الأغاني. ووقع عبدالحليم علي عقد قيمته ثلاثمائة جنيه!!.. تأخر عبدالوهاب في العثور علي فيلم غنائي. وربما يكون قد نسي الحكاية كلها. فإذا بعبدالحليم يمثل أول فيلم له مع حسين رياض وعبدالسلام النابلسي وقبض عبدالحليم ثلاثة آلاف جنيه عن هذا الفيلم!!.. ثم فوجئ وجدي الحكيم بعبد الوهاب يطلب منه إحضار هذا الشاب فوراً.. كيف يمثل هذا الشاب فيلما؟!.. فقد احتكرته.. ووقع علي ذلك؟!.. في الطريق إلي منزل عبدالوهاب سأل وجدي عبدالحليم حافظ:. كم سترفع قيمة عقدك مع عبدالوهاب؟!. ولا مليم.. همه ال300 جنيه!!
أنت اتجننت؟!!
فكان رد عبدالحليم: سأقبض 300 جنيه من الفيلم. ثم سأسجل شريطاً بالأغاني التي سيلحنها لي عبدالوهاب. سأكسب منه 300 ألف جنيه!!
وماذا لو احتكرك؟!!. يا ريت.. سأصل إلي أرقام خيالية.. وقد كان.. رفض وجدي الحكيم أن يذكر عبدالوهاب بما قاله له.. ولكن العمروسي. أحد مديري أعمال عبدالوهاب كان صاحب الاقتراح.. وظهرت شركة "صوت الفن" لصاحبيها عبدالوهاب وعبدالحليم!!. بقي سؤال:. هل سنستمتع بحفل عبدالحليم حافظ هذا المساء؟!!.. إذا لم يحدث.. فهي جريمة في حق أكثر من تسعين مليوناً!!