الوطن
محمود الكردوسى
سيادة الرئيس: أنت ومصر فى خطر
لم يعد هناك مفر!. سأكون قاسياً وحاداً وفاشياً إذا لزم الأمر، لأن كل الأمور زادت عن حدها، وأصبحنا جميعاً فى خطر: الدولة والرئيس والمواطن، وبيننا وبين العراق وليبيا وسوريا واليمن «مسافة سكة».. هل تسمعنى يا سيادة الرئيس: «مسافة سكة»؟. وإذا سمعتنى أو قرأتنى -بـ«نفسك»، لا من خلال «آخر»- فهل ستصادرنى؟. هل ستزعل منى؟. هل ستستجيب لأجراسى، وتقول بينك وبين نفسك: «هذا العبد الفقير يحبنى ويخاف علىَّ»؟. اسمعنى يا سيادة الرئيس. لا خيار لك الآن سوى أن تسمعنى وتسمع كل من يحبك ويخاف عليك، فأنت لم تعد ملكاً لنفسك. نحن الذين أتينا بك ودافعنا عنك وحميناك وتحملنا فيك ومن أجلك سفالة خصومك وجهلهم بإنجازك. نحن أصحاب الحق فى بقائك وفى تحقيق حلمك. اسمعنى، ولا تتوقع منى أن أسكت وأنا أرى -كل يوم، وكل ساعة- أن دولاب حكمك مخترق -فساداً أو إخواناً أو بيروقراطية، أو كلها معاً- وغالبية وزرائك ومسئوليك يعملون ضدك (وسأفترض أنهم يفعلون ذلك من دون قصد). أنت تعمل بكل ما لديك من طاقة وحب وإخلاص، وتلهث بين عواصم الدنيا لتعيد إلى مصر هيبتها وثقلها إقليمياً ودولياً.. بينما ظهرك عارٍ، وجبهتك الداخلية خربة. أنت تحارب وحدك معركة حياة أو موت، بينما جهازك الإدارى يتفنن فى إعاقتك وتحويل حلمك إلى كوابيس مفزعة. كوادر جهازك هذا -وعلى رأسهم وزراء المهندس إبراهيم محلب- يرتكبون الحماقة تلو الأخرى، ويبدعون فى إهانة المواطن وإذلاله: إن لم يكن بتقصيرهم.. فبخطابهم السوقى، المتغطرس، غير المسئول، وآخر هؤلاء وزير عدلك.. هذا الذى يسمى «محفوظ صابر».

الوزير العادل، الشامخ، المستقل، قال ما معناه إن ابن عامل النظافة لا يحق له أن يتقلد منصباً قضائياً!. لا يصلح أن يكون قاضياً!. من الذى يصلح إذن: أبناء الفسدة واللصوص والمنافقين؟. ابن من هذا الـ«محفوظ» يا سيادة الرئيس؟. ابن من ليمنح ويمنع؟. ابن من كان جمال عبدالناصر والسادات ومبارك ونجيب محفوظ وأم كلثوم والشعراوى والأبنودى وكل هذا الطابور الطويل من العظماء والرواد.. الذين لا معنى ولا هيبة لمصر من دونهم؟. واسمح لى أسألك: ابن من «عبدالفتاح السيسى».. هذا الجنرال المحب لبلده، العاشق لفقرائه، المؤمن بالله، وبأن كل المصريين سواسية فى الحق والواجب.. لا فرق بين ابن رئيس وابن عامل نظافة؟!.

القضاء توحش يا سيادة الرئيس. تغول. تجاوز كل حدود اللياقة والأدب والتواضع. أصبح دولة فوق الدولة. ليس كل القضاء بالطبع.. ففيه شرفاء يحرسون عدالة الله فى الأرض. لكن قاضياً واحداً فاسداً.. يكفى لإشعال ثورة فى الاتجاه الخطأ، ونحن -شعباً وبلداً- لسنا مؤهلين لثورات جديدة إلا إذا كانت من أجل بناء وإصلاح. القضاء تورط فى عفن السياسة. لا أعرف منذ متى، لكنه تورط، وأصبح جزءاً من هذا المشهد العبثى، المرتبك. وفى حين أن كل المؤسسات -حتى تلك السيادية- لم تنج من النقد.. فإن ذريعة «الحصانة» كانت تمنعنا طول الوقت من نقد القضاء!. لم تأخذنا شفقة بأحد.. حتى نحن كإعلاميين انتقدنا أنفسنا. بهدلنا وزارة الداخلية، ولم يشفع لها شهداؤها. بهدلناها ولم نسمع شكاوى ضباطها -مثلاً- من أن القضاء يحبطهم، لأنهم يضحون بأرواحهم للقبض على مجرمى عصابة الإخوان، ثم يفاجأون بأنهم خرجوا وعادوا إلى الشارع ليواصلوا إرهابهم.

لا حصانة لقضاء يهين المصريين يا سيادة الرئيس. هذا النوع من الوزراء والمسئولين يملأ دولاب حكمك. هذه الحكومة تؤلب محبيك وتحرض عليك فقراءك الذين قلت إنهم «نور عينيك»، أم أنك نسيت أو أنسيت؟!. انتظرت منك على الأقل أن تقيل هذا الوزير لترد لـ«ابن الزبال» بعض اعتباره، لكنك لم تفعل!. العيب ليس «محفوظاً» ولا «صابراً».. بل فيمن يسكت عليه وعلى أمثاله، وأمثاله كثر يا سيادة الرئيس. من الذى أطفأ «ماسبيرو» وأنت خارج مصر؟. من الذى يشرع لاقتصادك ليدمره؟. من الذى يدير إعلامك؟. من الذى يعطل انتخاباتك ويضعها فى مواجهة موتها قبل أن تبدأ؟. من الذى وضع دستورك؟. من.. ومن.. ومن!. ظهرك يتعرى يوماً بعد يوم، فافعل شيئاً. «تغدى بهم قبل أن يتعشوا بك.. وبنا». مصر بين شقى رحى يا سيادة الرئيس: الفساد والإخوان، وإذا كنت تتصور أنها كسبت معركتها ضد الإخوان فانظر فى دولاب حكمك. هذا التحالف البغيض ينخر كالسوس فى جسد مصر، فاحذر، لقد بدأ خصومك يتحدثون عن «ثورة ثالثة»!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف