عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. تحديد المقبولين.. لدراسة الصحافة
ما دمنا نتناول هنا قضايا المهنة.. لا بد أن نصل إلي حل لتحديد عدد المقبولين للدراسة في كليات الإعلام وأقسام الصحافة بكليات الآداب والتربية، وأيضاً في الكليات التابعة لجامعة الأزهر.. وهذه وتلك يصل عددها الآن إلي حوالي 30 كلية وقسما.. يلهث وراء الالتحاق بها الكثير من الشباب والفتيات.. بل ومازالت رغم انخفاض فرص العمل أمام خريجيها، تعتبر من كليات القمة، علي الأقل لطلاب القسم الأدبي.. وحتي- أيضاً- في التعليم المفتوح الذي يعتبر وباء رهيباً دمر التعليم الجامعي، سعياً وراء «الشهادة» انطلاقاً من أننا «شعب شهادات بصحيح»!!
ومن المؤكد أن البريق الصحفي الذي بدأ من أواخر الأربعينيات وزاد توهجاً في منتصف الخمسينيات وراء هذا الاندفاع نحو الالتحاق بالجامعات لدراسة الصحافة.. وبدأ هذا الاهتمام مع «المعهد العالي للصحافة» الذي أنشأه الدكتور محمود عزمي- الذي أصبح رئيساً لوفد مصر في الأمم المتحدة- ولكن كان يشترط للالتحاق به أيامها أن يكون من خريجي الجامعات، أي حاملي درجتي الليسانس وأيضاً البكالوريوس.. والتحق به أيضاً بعض الضباط باعتبارهم من حملة المؤهلات العليا- ومنهم قبل ثورة يوليو الضابط: يوسف السباعي.
<< وفي عام 1954 تم إنشاء أول قسم للصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة من حملة الثانوية العامة، أو التوجيهية.. وتخرجت فيه أول دفعة في مايو 1958.. وأخذت الصحف الكبري- وكان هذا قبل تأميم الصحافة- تتلهف علي خريجي هذا القسم لتطعيم صحفييها بهذه الدفعات الجديدة من «المتعلمين» أي الذين درسوا علوم الصحافة بكل فروعها.. في الجامعة، بل كانت هذه الصحف تقبل طلبة هذا القسم للتدرب فيها وهم بعد في السنوات الأولي للدراسة بهذا القسم.. وكنت واحداً من هؤلاء.
<< ومع تزايد الطلب علي خريجي هذا القسم.. وأيضاً مع بدء إنشاء التليفزيون المصري.. زاد الإقبال علي الدراسة بهذا القسم.. ما شجع كليات الآداب في الجامعات الأخري علي انشاء أقسام للصحافة بها، وليس فقط في كليات الآداب.. بل وكليات التربية أيضاً، وليس في العاصمة وحدها ولكن في المحافظات أيضاً.. وزاد عدد الخريجين بزيادة بريق العمل الصحفي والإذاعي والتليفزيوني، وزادت نجومية العاملين في هذه الروافد الثلاثة ولذلك، وجدنا كل أقسام الصحافة تدرس هذه الفروع الثلاثة الأساسية، في العمل الإعلامي.
وسرعان ما تطورت أوضاع أقسام الصحافة.. لتشهد مصر إنشاء أول كلية للإعلام- بمفهومه الجديد العصري وأيضاً بجامعة القاهرة.. ثم سرعان ما انتقلت الظاهرة الإعلامية، إلي غير الجامعة الأم.. حتي أصبحت من كليات القمة في الجامعات الخاصة والأجنبية.
<< كل ذلك أدي إلي تزايد عدد الخريجين.. إلي أن وصلت كل مواقع العمل إلي حالة من التشبع، فلم تعد تقبل هذه المواقع إلا العدد القليل للعمل بها.. وزادت الأزمة خطورة ببدء انحسار عصر الصحافة الورقية.. وتبع ذلك بداية انحسار العمل التليفزيوني.. أما الإذاعي فقد ولي عهدها!!
والآن.. ونحن نواجه خطر إغلاق الكثير من الصحف الورقية.. ولم تعد الصحف ولا حتي التليفزيون تفتح أبوابها لقبول أي خريج جديد.. ماذا تفعل مع مئات الخريجين، بل الآلاف، الذين يتخرجون كل عام.
<< هنا يأتي دور نقابة الصحفيين.. وأيضاً نقابة الإعلاميين الأخيرة من ضرورة التدخل لتحديد عدد المقبولين للدراسة بأقسام الصحافة وكليات الإعلام تماماً كما تفعل نقابة الأطباء.. حرصاً علي مستقبل شبابنا.
وتلك قضية حيوية تهدد الخريجين.. وتؤدي إلي مستقبل مظلم أمام الشباب، هل تفعلها هذه النقابة أو تلك.. تلك هي القضية.