الأهرام
محمد مصطفى حافظ
فرملة الدولار الجمركي
كلما أشرق قليلاً أمل شعبي في خفض الدولار وحلم عودة الأسعار بمسافات تقارب ما كانت عليه قبل قرار التعويم ، إلا ما تعاود خيبة الإجابة تظهر في مشهد درامي مبكي رداً علي التساؤل المعتاد الدولار بكم اليوم ، وذلك بعد عودته للارتفاع وينعكس بالتالي علي كل شئ بالأسواق وحركة العباد وسماع طنطنة الترحم علي جنيه كان ذو قيمة يوماً فأصبح في خبر كان ، ورغم تفهم الكثير أن ذلك أمرا منطقياً مع بدايات قرارات الإصلاح الاقتصادي والنقدي الذي نمر بيه ، إلا أنه ظهرت بوادر الإرهاق المادي للكثير من التضخم والأسعار رغم تقشف أصاب الضروريات.
ومن بوادر المعاناة ما تشهده الأسواق من حالة الركود جراء الغلاء المبالغ فيه سواء من المستوردين والتجار المحتكرين نتيجة تحمل الزيادة علي الأسعار السلع والمنتجات بكافة أنواعها بحجج رفع وزارة المالية سعر الدولار الجمركي بواقع 1.25 جنيه من الخميس الماضي ليصل إلي 17 جنيها بدلا من 15.75 جنيه حتى نهاية الشهر الحالي مما ساهم في رفع تكلفة الاستيراد والتي يستغلها بالتالي التاجر المستورد في تحميل المستهلك المغلوب علي أمره هذه الزيادة مما ساهم في هذه الزيادات المبالغ فيها في الأسعار ورفع معدلات التضخم المرتفعة والتي تخطت 31.7% خلال الشهر الماضي ، مما يتطلب ضرورة تثبيت سعر الدولار الجمركي لفترة لا تقل عن أربعة شهور حتى نري فرملة لهذه الزيادات خاصة أننا لأزالنا نستورد كل شئ وربما الوضع يتفاقم مع اقتراب شهر رمضان الكريم وبعده عيد الفطر المبارك وما تشهده الأسواق في هذه المناسبات من زيادة كبيرة في العمليات الاستيرادية.
رغم العلم بما تعانيه الدولة من ضغط رهيب علي الموازنة العامة والتزامها بتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي وروشته التي يتحملها المواطن وتثقل كاهله رغم تخفيضه لكثير من الضروريات المعيشية وحالة الركود الكبيرة بالأسواق ، وكذلك اضطرار وزارة المالية علي الاعتماد في وضع سعر الدولار الجمركي علي متوسط أسعار الصرف بالبنوك وتوقفه علي مدي تحسن مصادر النقد الأجنبي خاصة أن أقرب فرصة ستحصل مصر فيها علي تدفقات دولارية بخلاف مصادر النقد الأجنبي الرئيسية التي مازالت تعاني من دخل قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج هي الشريحة الثانية لقرض صندوق النقد الدولي والذي يرتهن بإجراءات المراجعة التي ستجريها بعثة الصندوق لمصر بداية مايو القادم والبالغ 1.25 مليار دولار ، وهذا سيجعل من لجوء الحكومة لتطبيق إجراءات أخري من رفع الدعم عن الكثير من السلع والمنتجات وقرارات صعبة مما يزد من الأحمال المعيشية والاجتماعية علي المواطنين مع غياب براقة أمل منتظرة من جني ثمار المشروعات القومية .
إلا أنه من الضروريات علي الدولة ووزارة المالية بالأخص مراعاة ذلك في تحديد سعر الدولار الجمركي وتثبيته لأن رفعه مردوده سلبي بشكل كبير علي السوق ويسهم في زيادة الأسعار ولا يجد المستورد أمامه طريقا غير إضافة هذه الزيادة لسعر السلعة المستوردة ، بحيث تمثل زيادة جنيه واحد في السعر الجمركي في رفع سعر السلعة بنحو 10% وهو ما يتطلب دورا كبيرا في ضبط سعر الدولار الجمركي ، والمشكلة الأكبر تأثيره علي الصناعة في أسعار الخامات الأساسية المستوردة أيضا من الخارج ومن ثم تؤدي إلي زيادة المنتج النهائي المصنع والذي تريد الدولة تنميته والإقبال علي شراءه .. فرحمة بنا ونحن علي أعتاب شهر كريم وفيه يزداد استهلاك الأسرة المصرية بالتوسعة وهي من مظاهر الإيمان ، مما يتطلب تثبيت سعر الدولار الجمركي علي الأقل مدة كافية حتى لا نري الحيرة علي الوجوه والركود في الأسواق ونتفرغ للعبادة ولو في شهر الرحمة يرحمكم الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف