اكرام منصور
الصراع السوري.. الإقليمي والدولي
وثيقة سرية تنشرها صحيفة فرنسية تكشف لنا سلسلة من الطاولات المستديرة للصراع السوري في سياقه الإقليمي العراقي والتركي والروسي الايراني والمسألة الكردية وتحاول رسم الخطوط العريضة للموقف الفرنسي والأوروبي في السياق الجديد الذي نتج عن سقوط حلب... يبدو أن الهدف المعلن لداعمي النظام السوري أنهم يريدون فرض حل سياسي بما يعيد الشرعية للسلطة الرسمية لبشار الأسد..والعملية السياسية فإن هدفها من وجهة نظر النظام منع أي شكل من أشكال الدعم الخارجي للمناطق التي لا تقع تحت سيطرته بذريعة ضمان سلامة أراضي بلاده .لكن لا يمكننا تجاهل أهمية هذه المناطق في هذه المرحلة.. و فرنسا وامريكا وحلفاؤها تتهم النظام بأنه لا يسيطر بشكل جيد علي المناطق التي استعادها.. بل إنه يستغرق وقتًا في السيطرة علي باقي الأراضي بالرغم من المساعدة المكثقة لحلفائه وهما روسيا وايران.. وحتي الآن أمريكا في ظل حكم دونالد ترامب لم تعلن مواقفها من الازمة السورية ..لان ما يبدو واضحا ومؤكدًا النظرة العدائية التي يظهرها الفريق الجديد في واشنطن تجاه إيران..والمتابع للاحداث في سوريا لأ يتوقع التراجع المنتظر في مستوي العنف فيها مع الأخذ بعين الاعتبار القيود التي يفرضها استمرار سيطرة الجماعات المتطرفة علي مناطق عديدة بسوريا.. فإن استقرار هذه المناطق التي يحتمل أن تكون خطرة..وإقناع الدول المجاورة لسوريا بذلك وهي التي تواجه الحاجة لإبعاد شبح سيطرة التطرف علي المناطق النائية في سوريا.. وهل عودة حلب تعتبر مسألة رمزية. .لقد تمكن النظام السوري وحلفاؤه من استعادة درّة تاج المعارضة السياسية والعسكرية التي تراجعت تدريجيًا اليوم واستعادة المدينة تمثل أيضًا مكسبًا استراتيجيًا رئيسيًا. حيث ضمن النظام سيطرة حصرية لا رجعة فيها علي غرب سوريا. الأكثر كثافة من حيث السكان والأكثر غني لحلفاء النظام وهما إيران وروسيا.. بينما الدول الراعية للمعارضة تجني الثمار المرّة لانخراطها المتقدم أو لتراجعها الاستراتيجي وأوروبا تكتشف عجزها عن التأثير في الأزمات التي تهدد أمنها مباشرة.. كما تدور تكهنات في أوساط المراقبين عن تقاسم سوريا الموحدة علي شكل مناطق نفوذ يمكن أن يتبلور مع تراجع حدّة المعارك. ومما لا شك فيه أن النظام بعد حلب يحاول تعزيز قبضته من خلال تطهير باقي المناطق من داعش والمعارضة المسلحة و شمال سوريا. من عفرين إلي الحسكة حيث تتنازع السيطرة عليها القوات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني وتركيا.. مصير مدينة الرقة.. والمعقل الأخير لداعش والذي يقع علي أبواب هذه المنطقة.. معلّق علي نتيجة هذه المعركة علي النفوذ بين القوات الكردية وتركيا..وهذه الاخيرة ة تتفاوض مباشرة مع موسكو بشأن الحفاظ علي مصالحها في هذه المنطقة.. والتي لا تتلاقي بالضرورة مع المصالح الاوربية و استعادة سريعة للرقة هي أولوية بالنسبة لأمن القومي السوري.. وعلي جبهة أخري تكتسب محافظة إدلب أهمية خاصة. فالمنطقة التي تسيطر عليها عسكريًا فتح الشام ¢جبهة النصرة سابقًا التابعة رسميًا للقاعدة¢.. وتري فرنسا وبعض الداعمين للمعارضة السورية أن ما فشلنا بتحقيقة بالقوة يمكن تحقيقه بالمال ومن الآن فصاعدًا سترتفع بعض الأصوات للتعبير عن أمنياتها بإعادة إعمار سوريا. تتحدث بروكسل عن أفكار جديدة للحكم في سوريا في المستقبل. لان موضوع إعادة الإعمار أو ¢استقرار¢ سوريا الذي عبّر عنه عبد الله الدردري نائب الأمينة التنفيذية للجنة للأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا".... خلال هزيمة المعارضة وهو يقدّم علي أنه يشكل رافعة اقتصادية للشركاء فيها. ويفتقر النظام للموارد المالية والسياسية التي تسمح له بإدارة عملية إعادة الإعمار..وهنا الروس والإيرانيون لا يمتلكون الوسائل لتقديم ال300 مليار دولار الضرورية لإعادة الإعمار وفق الدردري. بالنسبة للأوروبيين كان من المناسب التوصل بأسرع وقت ممكن إلي سلام من خلال المفاوضات السلام يمكن أن يضعف النظام أكثر مما تفعل الحرب وفتح قناة نقاش اقتصادي وتحديد شروطنا السياسية هكذا يتحدث الداعمين للمعارضة السورية بما يتعلق بتقديم المساعدة الاقتصادية. ويبدو أن بشار الأسد الذي أعاد سيطرته علي المناطق المهدمة وعلي اقتصاد غير قادر علي الاستجابة لمتطلبات المواطنين. في موقع يسمح له بتهديد أوروبا بتحويل بلاده إلي إريتيريا الشرق الأوسط. مصدر المهاجرين والإرهاب لقرون..ويبقي السؤال هل سوف تنجح أمريكا وحلفاؤها في تحقيق احلامهم بسوريا ام سوف تنتصر رورسيا وحلفاؤها..؟!!