الجمهورية
جلاء جاب اللة
"ريما خلف" .. ضيف شرف القمة العربية
العنوان ليس خبراً.. بل أمنية وطلب. أتمني لو أن الجامعة العربية دعت الأردنية ريما خلف. لتكون ضيف شرف القمة العربية التي تعقد في الأردن خلال أيام!!
كثيرون قد لا يعرفون من هي ريما خلف؟!!
هي سيدة أردنية عربية عمرها 64 عاماً.. ترأس اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا. التابعة للأمم المتحدة. أي أن منصبها الدولي هو وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لغرب آسيا "الآسكوا" وهي أستاذة تحمل الدكتوراة في الاقتصاد.. طلبوا منها رئاسة لجنة لإعداد تقرير استقصائي عن ظروف الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي.. اللجنة تضم جهات بحثية دولية. وصفها الخبراء بجهات محايدة.. وبعد نشر التقرير. فوجئت ــ وللمرة الثانية ــ بخطاب رسمي من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة يطالبها بسحب التقرير لأنه ضد إسرائيل.
التقرير يصف السياسات الإسرائيلية بأنها تؤسس لنظام فصل عنصري. شبيه بنظام جنوب أفريقيا السابق. وهنا تدخلت أمريكا وإسرائيل بضغوط شديدة علي الأمم المتحدة وأمينها العام لسحب التقرير.. وبالفعل رضخ الأمين العام وطلب من ريما خلف سحب التقرير. فماذا فعلت؟!!
رفضت وقدمت استقالتها من منصبها الدولي احتراماً للمبادئ والقيم التي يجب أن ترسيها المنظمة الدولية.. وفضحاً للازدواجية التي تتبعها هيئة الأمم المتحدة بضغوط أمريكية وإسرائيلية!!
ريما خلف.. سيدة عربية. وقيمة دولية. أكدت أن المرأة العربية.. والإنسان العربي مازال بخير. وأن صوتاً يعرف الحق والعدل. لا يمكن أن يسكت مهما كانت الضغوط.. وأن كلمة الحق لابد أن تظهر مهما كان السواد!!
ريما خلف ليست امرأة تحمل السلاح. لكنها أقوي من كل أسلحة إسرائيل وأمريكا لأنها قالت كلمة الحق. وكشفت زيف وخداع من يدَّعون أنهم حُماة حقوق الإنسان في هذا العصر.
أتمني لو أن الجامعة العربية دعت ريما خلف لحضور القمة العربية في الأردن. لا لتكون هي وتقريرها ضيف شرف فقط. بل لنعلن نحن العرب أننا مازلنا أحياء.. ومازالت هناك دماء تجري في عروقنا.. ومازلنا نحمل أملاً في الدفاع عن حقوقنا الشرعية.. بل أطالب القمة العربية. أو الجامعة العربية بإقامة دعوي أمام محكمة الجنايات الدولية استناداً إلي هذا التقرير. وما تضمنه من حقائق دامغة. ووقائع لا شك فيها عن عنصرية الصهاينة والتمييز بين البشر علي أساس طائفي وديني. والدفاع عن حق الإنسان العربي في الوجود!!
لقد استقالت ريما خلف من منصبها الدولي الرفيع. لكنها تربعت في قلوب البشر باعتبارها إنسانة تؤمن بالقيم والمبادئ الإنسانية السامية. التي تشكل قوي الخير في صناعة تاريخ البشرية.
إن إقامة دعوي قضائية أمام محكمة الجنايات الدولية اعتماداً علي هذا التقرير ليس فقط رد اعتبار للدكتورة ريما خلف.. بل إعلان عن أننا مازلنا أحياء. وأن ما حاول الصهاينة بدعم من أمريكا وغيرها أن يصنعوه في منطقتنا قد أعلن فشله.. لأن كل محاولات تقسيم المنطقة وكسر العرب كان موجهاً لصالح إسرائيل. وإعلان دولة إسرائيل الكبري!!
ليس جديداً. وليس خافياً علي أحد أن كل ما يحدث في منطقتنا ومحاولات كسر دولنا وتقسيم الدول العربية إلي دويلات. إنما هي خطة محكمة تم الإعداد لها منذ انتصارنا في أكتوبر ..1973 وأعلن عن أسسها عام 1982. وفقاً لما ذكره الباحث الإسرائيلي "عوديد ينون" عن خطة صهيونية لاستغلال الربيع العربي لتقسيم المنطقة بدءاً من مصر والعراق!!
ولا شك أن إسرائيل قد كشفت عن هذا الوجه عندما وجهت ضربات جوية للقوات السورية التي تحارب ضد داعش في محاولات مستميتة صهيونية لدعم داعش ضد سوريا.. حيث إن داعش ــ تقوم بالوكالة ــ في تنفيذ خطة الصهيونية العالمية لتقسيم العراق وسوريا. في بداية تنفيذ خطة تقسيم المنطقة العربية لإضعاف العرب تماماً.. وإعلان دولة الصهاينة الكبري في المنطقة علي أشلاء العرب.
إذا كانت ثورة 30 يونيه بدعم الجيش المصري البطل قد حسمت مسار الخطة الصهيونية في مصر ــ بل وفي المنطقة ــ وأصابت الخطة الصهيونية في مقتل.. فإن "ريما خلف" جاءت لتؤكد أن روح العرب مازالت قوية برغم الانكسارات والنكسات!!
وأعتقد أنه من الضروري أن أنقل هنا بعض فقرات خطاب الاستقالة الذي وجهته ريما خلف للأمين العام للأمم المتحدة "ليس خافياً عليَّ ما تتعرض له الأمم المتحدة. وما تتعرض له أنت شخصياً من ضغوط وتهديدات علي يد دول ذوات سطوة ونفوذ. بسبب إصدار تقرير "الآسكوا" بعنوان: "الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الأبارتايد" وأنا لا أستغرب أن تلجأ هذه الدول التي تديرها اليوم حكومات لا تكترث بالقيم الدولية وحقوق الإنسان إلي أساليب التخويف والتهديد. حين تعجز عن الدفاع عن سياساتها. وممارساتها المنتهكة للقانون. وبديهي أن يهاجم المجرم من يدافعون عن قضايا ضحاياه. لكنني أجد نفسي غير قابلة للخضوع إلي هذه الضغوط.. لا بصفتي موظفة دولية. بل بصفتي إنساناً سوياً فحسب. أؤمن بالقيم والمبادئ الإنسانية السامية التي طالما شكلت قوي الخير في التاريخ. والتي أسست عليها منظمتنا هذه "الأمم المتحدة" وأؤمن ــ مثلك ــ بأن التمييز ضد أي إنسان علي أساس الدين أو لون البشرة أو الجنس أو العرق. أمر غير مقبول. ولا يمكن أن يصبح مقبولاً بفعل الحسابات السياسية أو سلطان القوة. وأؤمن بأن كلمة الحق في وجه جائر متسلط ليس حقاً للناس فحسب. بل هو واجب عليهم.
وأضافت: وجهت لي تعليمات بسحب تقاريري التي أصدرتها "الآسكوا" لا لشوائب تصيب المضمون. ولا بالضرورة لأنك تختلف مع هذا المضمون. بل بسبب الضغوطات السياسية لدول مسئولة عن انتهاكات صارخة لحقوق شعوب المنطقة ولحقوق الإنسان عموماً.
وقالت ريما خلف: لقد رأيت رأي العين كيف أن أهل هذه المنطقة يمرون بمرحلة من المعاناة. والألم غير مسبوقة في تاريخهم الحديث. وأن طوفان الكوارث الذي يعمهم اليوم لم يكن إلا نتيجة لسيل من المظالم. تم التغاضي عنها أو التغطية عليها.
وأضافت: لا يسعني إلا أن أؤكد إصراري علي استنتاجات تقرير الآسكوا بأن إسرائيل قد أسست نظام فصل عنصري "أبارتايد" يهدف إلي تسلط جماعة عرقية علي أخري.
إن الأدلة التي يقدمها التقرير قاطعة...... والحقيقة المؤلمة هي أن نظام فصل عنصري "أبارتايد" مازال قائماً في القرن الحادي والعشرين. وهذا أمر لا يمكن قبوله في أي قانون. ولا أن يبرر أخلاقياً بأي شكل من الأشكال.
وختمت خطابها بقولها: "استقالتي هذه لا تهدف إلي الضغط السياسي عليك. إنما أستقيل لأنني أري أن واجبي تجاه الشعوب التي نعمل لها وتجاه الأمم المتحدة وتجاه نفسي. ألا أكتم شهادة حق عن جريمة ماثلة. تسبب كل هذه المعاناة لكل هذه الأعداد من البشر.. وبناءً عليه أقدم استقالتي من الأمم المتحدة".
تحية إليك سيدتي.. تحية تقدير وكبرياء في زمن عَـزّ فيه الكبرياء.. تحية من قلب كل عربي ومسلم.. بل ومن كل إنسان علي وجه الأرض. يحترم القيم والمبادئ الإنسانية.
هل يفعلها الأمين العام للجامعة العربية. وتكون ريما خلف ضيف شرف القمة العربية.. أو يكون تقرير الآسكوا أحد مستندات القمة.. أو علي الأقل.. تقدم القمة أو الجامعة شكوي دولية لمحكمة الجنايات الدولية استناداً إلي هذا التقرير؟!!
.. هل يمكن أن يحدث ذلك.. أم أننا نعيش في وهم القوة الباقية في تاريخ العرب؟!!
منذ خمسة عشر عاماً.. وتحديداً في قمة العرب عام ..2002 كانت المبادرة العربية لحل الأزمة مع العدو الصهيوني.. وقتها قيل إن العرب قدموا تنازلات شديدة وكبيرة.. وأن إسرائيل ستقابل تلك التنازلات بالبحث عن حل.. ولكن ما حدث كان العكس.. وماطلت إسرائيل وساومت من جديد.. واليوم ونحن علي أبواب القمة الجديدة في الأردن. هل بقيت لدينا نحن العرب شجاعة المواجهة؟!
لقد فعلتها ريما خلف وأعلنت رأيها القوي ضد الممارسات والضغوط الأمريكية الإسرائيلية. ودافعت بقوة وشرف عن حقوق الشعب الفلسطيني.. فماذا سيفعل القادة العرب؟!
ماذا سيفعل العرب. وهناك مؤامرات تحاك وضغوط قوية تتم ممارستها علي العرب.. هذه هي العراق. وبوادر التقسيم تتضح ليس بين الشيعة والسُـنَّة فحسب.. بل والأكراد أيضاً.. وها هي سوريا مازالت تعاني حتي أن إسرائيل تتبجح وهي تعلن أن القوات السورية واجهت غاراتها الصهيونية علي الأرض السورية ضد القوات السورية. وها هي اليمن تعاني. وليبيا مازالت في صراع. وكل قوي الشر توجه سمومها نحو العرب. ولم يعد خافياً تدخل دول لدعم الشر من خلال الدعم الواضح لقوي الإرهاب المستتر خلف الدين.. الإسلام منهم جميعاً براء.. ولا يخفي علي أحد الحرب الشرسة ضد مصر اقتصادياً.. بعد فشل الحرب الإرهابية.. كل هذا الواقع يسبق القمة العربية.. لكن ريما خلف تعطينا الأمل وتسبق كل الأحداث. وتقف امرأة عربية ذات صفة دولية في وجه الظلم والتسلط والاستعمار.. وتقول بأعلي صوت: لا.
فهل وصلت رسالة ريما للقمة العربية في الأردن؟!.. نتمني ذلك.
همس الروح
** الحب ليس كلمات تقال.. بل فعل وموقف ورؤية تشع من الروح.
** كل ما فات.. يعبر عن الزمن الجميل.. فماذا عما هو آت؟!!
** الموت هو الحقيقة الوحيدة التي ننتظرها.. لكن الحب يبقي برغم الموت.
** اللهم ارزقنا حبك.. وحب مَن يُحبك.. وحب كل عمل يقربنا إلي حبك.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف