نعيش فترة محورية مهمة بالنسبة لمستقبل مصر، فى ظل ما يشهده العالم من متغيرات فى مختلف مناحى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التنموية.
وحقًا اهتمت الحكومة المصرية بالعمل على التطوير السريع والجاد لمؤسسات الدولة لمواجهة هذا التغيير الإجبارى حفاظًا على أمن مصر ومكانتها الإقليمية والدولية.
ويشهد العاقل فى مصر مدى المجهود المبذول لبناء مصر الحديثة، والذى يحاكى بناء مصر على يد الوالى محمد على باشا عام 1805م. فهناك توسعة قناة دولية، وهناك عاصمة جديدة، ومشاريع قومية عملاقة من بنية تحتية ومحطات كهرباء ومليون ونصف المليون فدان زراعى وكذلك خطة واعدة للنقل والمواصلات وشبكة الطرق والكبارى والأنفاق، بجانب تنويع مصادر السلاح وتحديث العسكرية المصرية على جميع المستويات الفنية والبشرية بحيث تصبح مصر دولة محورية قادرة على حماية الأمن القومى المصرى والعربى.
والتاريخ المصرى لم ينسب حضارة لمصر بقيادة مصرى منذ «أحمس» ملك مصر عام 234 ق.م، والتى توالت من بعده الأسر غير المصرية فى حكم مصر حتى إعلان النظام الجمهورى عام 1952م، لذا يمتاز الجهد المبذول فى الوقت الحاضر لبناء مصر الحديثة بأنه برئاسة «مصرى ابن مصر».
ولا ننكر جهد رؤساء مصر السابقين فى إعلاء بلادنا، ولكن نحن أمام رجل قبل التحدى فى وقت تكاتف أعداء الخارج والداخل على هدف واحد وهو تقسيمها إلى دويلات لإفقاد هيبتها للأبد، لذلك هو متميز «ندعو الله له بالتوفيق».
ولكن من يقرأ التاريخ جيدًا يعلم أن تطور الأمم لا يقوم إلا على يد البشر، وبدون تقدم العنصر البشرى تزداد أطماع الغازى والمحتل أرضًا أو اقتصاديًا أو سياسيًا.
فسابقًا أطلق وزير الخارجية البريطانى «أرثر جيمس بلفر» وعده الشهير عام 1917م بوطن لليهود بفلسطين على أساس فلسطين «أرض بلا شعب» برغم علمنا تاريخيًا أن فلسطين هى دولة الأديان السماوية منذ نبى الله سليمان - عليه السلام -، وتصارع الدول والأديان على إدارتها وتولى حكمها من قديم الأذل.
ولم يشفع لها ارتفاع المبانى والمعابد لتعدد الأديان بها وكثرة الذهب والفضة والمحاصيل الزراعية المتميزة. لأننا لم نقرأ فى التاريخ عن تطور علمى أو ثقافى تميز شعبها به.. فأصبحت (أرض بلا شعب).
ولذلك فإن التطوير المرجو لمصر فى الظروف الراهنة يجب أن يشمل تطوير العنصر البشرى (عقليًا وجسديًا) تعليمه وتثقيفه وتنمية مهاراته وتهذيب أخلاقه وتربيته على الخلق والقيم التى تصلح لجميع العصور. وهذا ما لم تشهده مصر حتى الآن بالرغم من أن نتائجه لا تظهر إلا بعد عمل شاق لمدة لا تقل عن عشر سنوات بأهداف واضحة وخطط مدروسة ومتابعة دقيقة قابلة للتطوير.
ونناشد «بانى» مصر الحديثة أن يطلق مبادرة هادفة وسريعة لتنمية العنصر البشرى المصرى حتى تؤتى ثمارها (فى أسرع وقت ممكن)... فحضارة الشعوب لا تقوم إلا على أكتاف أبناء شعبها المسلحين بالتربية والعلم. وبذلك نضمن حياة أفضل لأولادنا وأحفادنا فى ظل مناخ أخلاقى وعلمى وصحى يسوده الاستقرار الأمنى والسلام بعودة الريادة لبلادنا منارة العلم والدين للقوميات العربية والأفريقية وللعالم أجمع.. وللحديث بقية
«حفظ الله مصر قيادة وشعبًا»