المساء
محمد جبريل
ع البحري .. حقيقة داعش
قد يبدو مثيراً للانتباه- وربما للاستغراب- إعلان الرئيس الامريكي ترامب والمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل في لقائهما بالعاصمة واشنطن. اعتزام بلديهما زيادة الانفاق العسكري لمواجهة متطلبات القضاء علي تنظيم داعش.
الارقام التي حددتها مخابرات الغرب لمقاتلي التنظيم الارهابي لا تزيد علي بضعة ألوف. بحيث يصعب التصور أنه يمثل خطراً يفوق أخطار الحروب التي خاضتها القوي الكبري في العالم. سواء تحت مظلة الامم المتحدة أو بمبادرات منفردة.
تعددت الاسئلة منذ بدأ داعش أولي عملياته باحتلال الموصل. وإعلان قائده المجهول الهوية نفسه خليفة للمسلمين: لماذا أنشئ التنظيم؟ وما حقيقة أهدافه؟ وما الجهات المحرض والداعمة؟ وأين بدأت خطوات الاعداد والتنسيق قبل ان يطلق رصاصاته الاولي؟ ولماذا لم ينشأ التنظيم في أقطار المغرب العربي أو تركيا وإيران وغيرها من البلدان الاسلامية؟
الوطن العربي هو الساحة التي اختارها داعش لعملياته. بداية من الاقطار المجاورة لفلسطين المحتلة. بحيث يمكن النظر إلي العمليات خارج هذه الاقطار علي أنها إعادة لمحاولات صرف الانتباه إلي هامشيات لاتمثل خطراً حقيقياً.
وبالقطع فإن الصواريخ التي نسب إلي داعش إطلاقها علي اسرائيل لاتعدو محاولة سخيفة لتصوير التنظيم في غير حقيقته وأنه إسلامي التوجه.
بتعبير محدد فإن داعش جزء من المشروع الصهيوني الاحتلالي في الوطن العربي وانطلاقه المفاجئ في الموصل وما تبعه في العديد من الاقطار العربية قفزة لتحقيق هدف تقوية الكيان الصهيوني واضعاف القدرات العربية بواسطة دولة خلافة متوهمة يقودها عملاء ومرتزقة أوروبيون قوامها الدعوة إلي الدولة العبرية.
الحلم الصهيوني يعمل علي إنشاء دولة عبرية هي الاقوي بين الدول المجاورة بداية من الاقطار العربية التي استلب أحدها وانتهاء فيما بعد إلي الدائرة الاسلامية الاوسع وكان المشهد الاخير لكوندليزا رايس- قبل ان تودع الحياة السياسية- توقيعها الاتفاق الذي أطلق إشارة البدء للفوضي الخلاقة. وهي الفوضي التي أساءت إلي ثورات الربيع العربي. وشوهتها.
النتائج النهائية للمعارك التي أشعل داعش نيرانها هي تدمير المقومات الاقتصادية والعسكرية للعديد من أقطار الوطن العربي. وفرض واقع متخلف قائم أو جديد يجعل من صياغة المستقبل أمنية صعبة.
الطبيعة الديموغرافية لاسرائيل تجعل استمرارها مرتبطاً بالعسكرة الدائمة للكيان الصهيوني. والدعم الخارجي. وتصدير العنف وإرهاب الدولة إلي الاقطار المجاورة. فضلاً عن بقية العالم. وهو ما يسهل تبينه في الكثير من عمليات الارهاب الفردي والجماعي التي شنتها اسرائيل ضد القوي المناصرة لحق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه.
من هنا. كان الخطأ والخطر أن ننظر إلي الصراعات الدموية التي يعانيها الوطن العربي. بعيداً عن افتعال الاختلافات الطائفية والمذهبية ثمة الشيعة والسنة والعرب والاكراد في العراق وسوريا والحوثيون والانتماءات القبلية والمذهبية الاخري في ليبيا واليمن ترتبط المعارضة- دوماً- بمذهب ديني أو عرقي. بما يتيح لاسرائيل وضع الدولة الصغيرة- والاقوي في الوقت نفسه- بين مجموعة من الدول الصغيرةالمتباينة المذاهب الطائفية والاعراق.
يبقي السؤال: هل تنبه الغرب- متأخراً- إلي خطورة التنظيم بعد ان وصلت عملياته إلي قلب مدن أوروبا؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف