المصريون
رضا محمد طه
ذكاء التوقف والإنسحاب
قمة الذكاء الإجتماعي، أن يتوقف الإنسان-خاصة المشاهير في كافة المجالات- أو ينسحب بهدوء من دائرة الضوء طالما رأي نجمه في أفول، بدلاً من ان تنسحب عنه متابعيه او محبيه، لكن في مجتمعاتنا الكثير ممن يجترون الشهرة ويعيشون علي نجاحات الماضي التي تتمثل في اعمالهم السابقة، بل إن بعضهم يحاول تكرار مواقف أو أعمال حققت في حينها ومناخها نجاحاً، أملاً منهم أن يستقبلها الناس بنفس القبول، لكن هيهات فوهج الشخصية وحيويتها إختفت، كما ان الناس غير الناس، والدنيا غير الدنيا. وما حدث، ويحدث في أيامنا وبلادنا، من إستمرار بعض القادة السياسيين أو الرؤساء في مناصبهم، بالرغم من وصول بعضهم للسن الذي يتطلب منهم الإنسحاب، إلا أن بريق المنصب ومكاسبه أكبرعندهم من أي شيء آخر، لذا يظلوا جاثمين علي رؤوس شعوبهم، ولا يتزحزحزون، إلا بعد وقوع كوارث تطال شعوبهم وهم أيضاً.
في ذلك السياق، حاول البعض ممن لديهم فائض من المال يغطي تكاليف أية فكرة تطرأ علي ذهنهم، أؤلئك حاولوا إستثمار نجاح فنانة معروفة وشهيرة في العقد الثامن من عمرها-تقريباً-في عمل غنائي لها، تكلف الكثير والكثير من الدولارات حيث تمت البروفات والتسجيلات خارج مصر، ناهيك عن أجر الفنانة القديرة والمبالغ فيه، في محاولة منهم لإيقاف سنة الأيام وفعل الزمن، وتعطيل ما يقوله العامة من أن "كل وقت وليه أذان". في مجال الفن أيضاً ممثل شهير معروف، أيضاص بلغ من العمر ما يجعله يفكر فيما يقدم عليه من أعمال، بعض أصحاب المصالح يحاولون بإسمرار إستثمار شهرته في تقديم برامج علي بعض الفضائيات، لتوصيل مفاهيم معينة، ناسين أفول النجوم وإحتراقها حتمي، او في محاولة منه أن يظل في دائرة الضوء بأي صورة، مما يجعل المشاهدين ينصرفون بغض النظر عن الموضوع الذي يريد تقديمه.
تلك الرؤي لا تقتصر علي مشاهير الفن فقط، وإنما تسري في كافة المجالات، فنجدها في الرياضة، حيث يظل بعض اللاعبين مستمرون في اللعب حتي بعد وصولهم للسن الذي يفرض عليهم الإعتزال حفاظاً علي ما حققوه من بطولات، لكنهم قد ينتقلون من النادي الاكثر شهرة إلي آخر حتي إذا كان درجة ثانية، ولا يتركون فرصة لغيرهم من الاجيال الشابة، أوللعائد المادي وأيضاً لكي يظل في دائرة الضوء.
الأمر يسري بين الأكاديميين أيضاً، حدثني صديق عن حزنه علي ما وصل إليه حال إستاذه بإحدي الكليات المرموقة، والذي كان له شأن كبير في تخصصه وساهم بالكثير فيه كعالم، إضافة إلي إستاذيته المتفردة، ذلك الأستاذ وصل به السن والحال إلي الحد الذي يمنعه الأمن من دخول كليته ومكتبه نظراً لإهماله في نفسه ورثاثة ملبسه وهندامه، لذا من الذكاء حقاً أن يجد الإنسان الوقت المناسب كي ينسحب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف