أيمن كامل
القصة الحقيقية لفيلم مولانا
و سألتني من أسوأ الناس في ظنك لقلت لك بدون تردد أنه الشخص الذي يجعل الدين مصيدة للدنيا ..
كتب ابراهيم عيسى القصة وأنتجتها مؤسسة نجيب ساويرس ومثلها الفنانون واخذوا أجورهم وتم طرح العمل للجمهور ..
ويبقى السؤال : هل يصح العمل الفني لطرح الشبهات الدينية - لأي دين – دون رد هذه الشبهات في نفس العمل ؟
فما دخل المراهق المتحرش في آخر صالة العرض بقضية رضاع الكبير أو زواج النبي عليه الصلاه والسلام من أم المؤمنين زينب بنت حجش رضوان الله عليه ؟
وما علاقة رب الأسرة الذي اصطحب زوجته واباءه للسينما بقضية المعتزلة وأفكارهم وعقائدهم ؟
وما علاقة المخرج وعامل الكاميرا والمنتج صاحب التوجه السياسي وصاحب العقيدة الدينية المخالفة لأفكارالفيلم بهذا ؟
نعم شاهدت الفيلم .. كما كما كنت اشاهد ابراهيم عيسى يوما ما ..
خليط من التشيع والاعتزال والاستعلاء .. ثم شاهدته وهو يتكلم عن شهادته التاريخيةككاتب سياسي في محاكمه الرئيس الاسبق مبارك ..
ولا أعرف لماذا لم يأخذوا بشهاده محمد عبد القدوس أو مجدي حسين فهم أيضاً كتاب سياسيين ومعارضين ويحملون نفس ملامح ابراهيم عيسى !!
نعود لموضوعنا وهو من هو مولانا ؟
" مولى " من أسماء التضاد بمعنى أن الاسم يحمل المعنى ونقيضه ولو اردت تلخيص موقف الاسلام في قضية العبيد فكلمة " مولى " تكفي ..
فمعناها العبد ومعناها السيد كأن القرآن يشير بحنان ورفق للجميع أنهم جميعاً سواسية ومحاسبون كما أن الله مولاهم جميعاً ..
فلو قلت أن " سالم مولى زيد " فأنت لا تعرف السيد من العبد حتى يتضح من الكلام أو من سابق معرفتك فتحمل الجملة معنى أن سالم عبد لزيد أو أن زيد عبد لسالم ! فلا ترهق العبد فهو نفسك ولايبعد أن تصير مثله ويصير مثلك ..
أما صاحب لقب " مولانا " الشهير فهو" جلال الدين الرومي" أحد كبارعلماء القرن الثالث عشر الميلادي وقصته أظنها الاجدر بعمل فيلم لحاجتنا الشديدة لمبادئ العشق الاربعين التي أرساها وخاصة أنه كان في زمن يشابة تماماً عصرنا الحالي من حروب مذهبية ومعارك على المسلمين من التتار والصليبيين .
وكان" الرومي "عالم شرعي حتى التقى بأحد الدراويش " شمس التبريزي" ليتأثر بأفكاره ويغير مسار حياته خاصة بعد مقتل "شمس التبريزي" ليبدع الرومي أجمل القصائد وتبدأ رقصة الدراويش " المولوية " ..
درويش يرقص بزي أبيض يمثل الكفن ويلبس غطاء رأس تشير لشاهد القبر ويطوف حول نفسه كأنه كوكب في مجرة .. متفانياً في الكون .. ومهما كان رأيك في أفكار"الرومي" وتصوراته إلا أننا جميعاً نحتاج إلى أن ندور مع الدراويش في عالم من الروحانية ترتدي كفنك وشاهد قبرك وتدور ..
وقد خرجت " إليف شافاق" بروايتها " قواعد العشق الاربعون " في محاولة لصبغ الواقع بتراث "الرومي" .. وهي بالمناسبة معها دكتوراه في العلوم السياسية ولكن يبدو أنها علوم سياسية مختلفة عما تفرخه جامعاتنا ..
الجميل أن الرواية ترجمت للعربية والأجمل أن هناك من سجلتها بصوتها ورفعتها على الإنترنت في تجربة "اماني عيسى " عبر سلسلة كتب مسموعة .. في محاولة لحل مشكلة أن العرب لا يقرأون لكنهم بلا شك يسمعون ..
شكراً لكل من خدم الحقيقة مهما خالفناه ومهما اختلف الناس عليه ..
والعار على كل من اتخذ الدين والسياسة والمعرفة مصيدة للدنيا ..
وستبقى سيرة مولانا الرومي منهلاً للحب والتسامح .. وستبقى رقصة الدراويش أحب عندي من الرقص على جثث الشهداء أو تحالف مرتزقة الدين والسياسة عبر التاريخ فأول شروط العالِم أو المفكر هو أنه لا يباع ولا يشترى .