الإسلام دين السلام، بكل ما تعنيه كلمة السلام، فالسلام اسم من الأسماء الحسني التي سمي بها رب العزة نفسه، حيث يقول سبحانه في سورة الحشر :» هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ » (الحشر :23)، والجنة دار السلام، حيث يقول سبحانه : » لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ » (الأنعام : 127)، وتحية أهل الجنة السلام، حيث يقول الحق سبحانه : » دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ » (يونس :10)، ويقول (عز وجل) : » وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَي الدَّارِ » (الرعد :23- 24)، وتحية أهل الإسلام السلام، بل هي تحية أهل الإيمان، وهذا نبي الله إبراهيم (عليه السلام) تأتيه رسل ربه فيحيونه بالسلام : »إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ » (الذاريات :25)، ويقول الحق سبحانه : » قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَي عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَي » (النمل : 59)، ويقول سبحانه : » يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً » (البقرة :208)، ويقول (عز وجل) : » وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَي اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ » (الأنفال : 61-62).
ومصر بلد السلام، وحال أهلها حال أهل السلام، وحضارتها العريقة قائمة علي السلام مع النفس والسلام مع الآخر. ومن منطلق هذا كله كان عنوان مؤتمرنا في المجلس الأعلي للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف هو »دور القادة وصانعي القرار في نشر ثقافة السلام ومواجهة الإرهاب والتحديات»، وأسفر المؤتمر عن وثيقة القاهرة لنشر السلام، لتحمل من أرض الكنانة رسالة سلام للعالم كله، بأننا نبغي الخير والسلم والسلام والحياة الكريمة للإنسانية جمعاء، وقد دارت توصيات المؤتمر في فلك رسالة السلام، ومن أهمها : ضرورة التحول من ردّ الفعل إلي الفعل ، والعمل علي نشر ثقافة السلام من خلال برامج تعايش إنساني علي أرض الواقع علي مستوي كل دولة علي حِدَة وعلي المستوي الإنساني والدولي.
ضرورة التركيز علي المشتركات الإنسانية والقواسم المشتركة بين الأديان في الخطاب الديني والثقافي والتربوي والإعلامي ، وسن القوانين التي تُجَرّم التمييز علي أساس الدين أو اللون أو العرق.. العمل من خلال المؤسسات الدولية علي تجريم التمييز بسبب الدين أو الإقصاء الديني دون استثناء.
التأكيد علي عدم ربط الإرهاب بالأديان التي هي منه براء، وبيان أن ربط الإرهاب بالأديان ظُلم فادح لها، ويُدْخِلُ العالم في دوائر صراع لا تنتهي ولا تبقي ولا تذر.
العمل علي ترسيخ أسس المواطنة المتكافئة في الحقوق والواجبات علي أرضية إنسانية ووطنية مشتركة، وتعميق الانتماء الوطني لدي أبناء الوطن جميعًا، وترقية الشعور الإنساني وترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعًا.
ضرورة الإيمان بالتنوع واحترام المختلف في الدين أو اللون أو الجنس، والعمل معًا لصالح الأوطان والإنسان.
استخدام جميع وسائل التوعية والتثقيف والإعلام المتاحة : من المساجد، والمدارس والجامعات، ومراكز الشباب، وقصور الثقافة، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، لنشر ثقافة السلام ومواجهة الفكر المتطرف، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، مع ضرورة التدريب اللازم والمستمر علي التعامل مع هذه الوسائل.
ضرورة تواصل القيادات البرلمانية في مختلف برلمانات العالم لتحديد مفهوم الإرهاب ووضع قوانين موحدة لردع المتطرفين الإرهابيين بغض النظر عن دياناتهم، أو جنسياتهم، أو دولهم، والعمل علي تجريم إيواء الإرهابيين أو دعمهم بأي صورة كانت، وتحويل ذلك إلي واقع لا استثناء فيه.
دعوة البرلمان المصري وسائر برلمانات العالم إلي عمل اللازم نحو تجريم الإرهاب الإلكتروني بشتي صوره وألوانه.
ضرورة التواصل المستمر بين علماء الدين والمثقفين ورجال السياسة والإعلام، وكذلك التواصل بين أصحاب الديانات المختلفة علي كافة المستويات لكسر الحاجز النفسي في التعامل مع المختلف، لأن من جهل شيئًا عاداه، وسبيلنا التقارب لا التنافر، والتراحم لا التقاتل ولا التصارع، والتأكيد علي أن هذا التنوع سنة كونية، حيث يقول الحق سبحانه : » وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ولذلك خلقهم» ( هود : 118-119).
ضرورة وضع مواجهة التطرف ونشر ثقافة السلام علي جدول أعمال مؤتمرات القمم السياسية، للتعاون في وضع آلية دولية للمواجهة.