"إحنا بنحب مصر وبنتعلم فيها.. وعلشان كده عايزينها تبقى نظيفة، فقررنا نعمل برنامج لتنظيف الشوارع التى نسكن فيها".. هذه كلمات السيد أكبر، أحد الطلاب الماليزيين المشاركين فى حملة لتنظيف شوارع المنصورة.
تنظيف شوارع حي الجامعة التى يقيم فيها طلبة ماليزيا بكلية طب المنصورة.. كان ضمن برنامج «wipeout» لخدمة المجتمع الذى نظمته الوكالة الماليزية الراعية لدراستهم بمصر.
أشكر الحملة والقائمين عليها لأنهم أعطوا مثالاً واضحاً على حسن الخلق والرقي وإضافة لمسة جمالية للمكان الذى يُعلمك حرفاً.. كما هي رسالة للمصريين أنفسهم بأن عليهم أن يمسكوا بالمكنسة لينظفوا شوارعهم لا ينتظرون الحكومة كثيراً لكى تزيل الزبالة من تحت أقدامهم.
الكلمات التى قالها الطالب السيد أكبر يفوح منها حب مصر وحينما تقرأ كلمات أقرانه تشعر أنك أمام سيل متدفق من الحب والعطاء تجاه البلد الذي يستضيف دراستهم للمستقبل، وانطلاقهم نحو تحقيق أهدافهم.. وامتنان ناتج عن ثقافة كبيرة لدى الشعب الماليزي.
عندك مثلا الطالبة "نورا عزتى" صاحبة الفكرة تقول كلمات يا ليت هناك من يسمعها بتفكر وتمعن: «إحنا بنحب المصريين وقررنا أن نقدم لهم حاجة بسيطة وإحنا فى الأصل بنحب النظافة وبنزعل لما بنشوف بلد عظيم زى مصر فيه قمامة فى الشوارع».
شكرا لكل الماليزيين، وشكرا لك يا نورا لأنك تغضبين على بلد عظيم مثل مصر، فيا ليت قومي يسمعون، ويا ليت مسئولي الحي، والمشرفين على النظافة يسمعون ومعهم رئيس الحي والمحافظ.
لا أريد للمقال أن يسير فى اتجاه نقد المسئولين أو المواطنين فى الشوارع المصرية، أحب أن يكون المقال خالصا بالشكر للطلبة الماليزيين خاصة أن هذه ليست المرة الأولى التى يفعلون فيها ذلك.
فقد أثر في نفسي ما قاموا به منذ حوالى 3 سنوات فى يونيو2014.. حينما قرر أقران لهم تنظيف ترام الإسكندرية بمنطقة كامب شيزار لأنهم رأوا المخلفات الورقية والبلاستيكية منتشرة على قطبان الترام فقرروا ألا يمصوا شفاههم ولا يلعنون ولا يسبون، وإنما أمسكوا بأكياس البلاستيك السوداء لا ليلقوها على الأرض ولكن ليجمعوا فيها ما ألقاه غيرهم، من جنسية غير جنسيتهم.. وأقصد بغيرهم نحن المصريون.
كنت وقتها أريد أن أكتب لأشكرهم، لأقول لهم.. نحن نقدر ما تعبتم من أجله، ما سعيتم لتأكيده وغرسه فى المجتمع.. لكن لم تسنح لى الفرصة، ولأن الحياة قد تسمح لك بالانتصار بعد فترة من الزمن، فقد توقفت مرتين لقراءة خبراً عن تنظيفهم لشوارع المنصورة.. مرة لأنهم قد حفروا فى نفسي تقديرا لهم من قبل وها هم يكرروه، ومرة أخرى لأنهم قد أعطونى الفرصة للانتصار لهم والكتابة عنهم.
ألف شكر لكم مرة أخرى.. شكرا للطالب السيد أكبر وللطالبة نورا عزتى.. ولكل زملائهم الذين مدوا معهم يدا وعاونوهم.. هذه المرة والمرة السابقة.. وشكرا مقدماً لمن سأتي مستقبلا مثلكم ويكرر ما فعلتموه.
ولأن الصحافة تلح على الكاتب، وتساؤلات الصحفي لا تتوقف.. هل انتقلت منطقة كامب شيزار السكندرية إلى دولة ماليزيا؟!.. أترك الإجابة للطلبة الماليزين.. لأنهم هم الأبطال والمسئولين المصريين خلفهم.