الجمهورية
منى نشأت
أنـــــــــــــــــــــا.. مــــــــامــــــا
قلت لطبيبي إن الدنيا صارت تدور وتلف أمام عيني.. صيحيح أنها طيلة عمري فيها لم تثبت علي حال.. ترتفع وترفع ناساً في عينك كلعبة ملاه ضخمة.. ثم تلقي بهم في سابع أرض. أو تهتز كبركان فتخرج بشراً يلتصقون بك أو يعلقون.. تعتادهم.. تاخد عليهم.. تتحرك بجوارهم.. تمسك بهم بأيديك وأسنانك ومجرد أن يسقط منك "سن" يسقطون. فتكتشف أنك وحدك من كان يحتوي. وتتأكد أنهم نوع لم يخلق من طين ولا حتي لهم تصنيف مخلوقات النار. فهم ماء.. قابلون للتبخر تحت أي حرارة. فص ملح.. وذاب. وترك في الحلق مرارة.. وفي الذكري بواخة.. وفي الدم ترسبات أملاح.. نعم الأرض كروية تلف حول نفسها.. وتأتينا بما غنينا صغاراً لتحوله إلي حقائق. وتري الثعلب فات وفي ذيله سبع لفات.. بالتأكيد وبختم الحياة لابد أن يكون في حياتك ثعلب.. فات. ومن يتذكر "بريلا بريلا بريليلا" وعايزين ليلي.. تجيبوا لها إيه.. نجيب لها فستان.. ما يكفيهاش.. ونظل نغني ونجيب واللي عايزينها تنتظر الأغلي وعلمتنا اللعبة أنه لن يكون أحلي من بيت أبويا.. لنختم الحدوتة.. اتفضلوا خدوها علي بيت أبوها.. وما كان أحلاه بيتاً.
يا طبيبي "قلبت عليه" حكايات أمي المجودة بصوتها وحنانها. وروايات أبي المغلفة بحكمته فكان للدولاب حكاية حين تضرر من كثرة ما فتحوه وقفلوه و"دفسوه" بداخله.. فصار يصدر أصوات "تزييق". فتضرروا هم منه وألقوا به في بدروم البيت.. فطقطق. وكان لابد أن يحتمل لأنه "دولاب". فهمت يا أبي الغالي.. وطقطقت وطقيت يا بابا.
وأديني "عند الدكتور بيلملم طقطقات.. فرقعات.. وجروح في صميم القلب ولسة ظهري في.. "الحيط".
تنهيدة
أخذت نفساً وأخرجت أنفاساً.. قلت آه.. وتنهدت.. تقوقعت وانفردت.. مشيت علي أطراف أصابعي وإتزنت.. ثقبت جسدي تلك الإبرة اللعينة.. بالتأكيد اخترع الحقنة رجل ميت القلب.. كيف لم يجد طريقاً آخر للوصول للدم غير اختراق الجلد بسن حاد. مع أن الجري داخل الدماء تكفيه أحياناً.. نظرة.
سجل الطبيب علي أوراقه جلطات صغيرات متفرقات.. وجودها إنذار.. والعمر لحظة.. الدكتور بالطبع لم يعد جلطاتي لكن والله أكاد أتحسس موقعها وعلي وعي تام بأحداث كل جلطة.. حين إنسدت الشرايين.. وأنا لا أكف عن تطهير مجاري تعفنت. وترميم جدار.. إنهار.
قال الطبيب نصيحته.. شوفي نفسك.. احتفظي بما بقي لكي. إياكي من عصر المخ والتفكير.. دعي الأشياء تمر دون ملاحظة.. وأعطاني قرصاً حتي لا أبالي.
قولوا.. لي
إنه ينوي تغيير شخصيتي.. إن لم أبال كيف سيكون الأنين.. والحنين.. واللهفة.. كيف أشعر.. اتفاعل.. أعيش.. مرت ابنتي بجانبي لمحت في عيونها آثار دموع تخفيها لتنفذ كلام الطبيب.. لا تحكوا لماما ما يضايقها.. ظللت استدرجها ساعات حتي انفجرت في البكاء. علمتيني أن كل الحكايا لأمي فلمن "أبوح".. حثثتها لتخرج ما عندها.. وكعادتنا انتهت المعاناة بضحكة وجلسة سمر. أختها تخفي مشاكلها وأعرف تفاصيلها من عيونها حين تفقد الضحكة وتنفد خصلات شعرها منها. فأظل بجانبها ونقول ونعيد حتي تصبح دنيتها.. حلوة.. وابني يأخذ معاناته لأبعد مكان فأنبش بين أضلعه عن العلة ومعي البلسم.
إيه.. يعني
يا ابنتي سأبحث عن عقد يناسب فستانك.. وسأخيط طرف ثوبك. دعيني ألف الشال حول كتفك.. و"سأكوي" لك يا ابني قميصك لتصل في موعدك. وسأجهز الكيك الشهي بتفاصيل المقادير وأتناوله معكم حتي وأنا عندي.. سكر. تستحقوا مني كل شيء مهما فقدت أي شيء. مش أنا.. ماما.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف