الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
أدباء خارج القاهرة
في مدينة طنطا تقابلت مع أساتذة في الثقافة والفكر. أثروا الحياة الثقافية ثراء عظيما. لم ينالوا حظا من الشهرة. ولم تلاحقهم الأضواء. وقد اختاروا الإقامة بطنطا. بعيدا عن العاصمة. مقر الشهرة. علي رأس هؤلاء الأستاذ محمود سالم المثقف الموسوعي.. عرفته عن قرب ولازمته فترة من الزمن. امتلأت نفسي فرحا به وازدادت ثقافتي بالقرب منه.
الاستاذ محمود سالم تخرج بكلية آداب جامعة فؤاد الأول ــ القاهرة ــ قسم اللغة الانجليزية سنة 1943 وتتلمذ علي يد أساتذة عظام أمثال الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي ومن عاصره من الأساتذة.. يعتز بمقدرته اللغوية في الانجليزية والفرنسية. وتعمقه البالغ في اللغة العربية. حيث كان الطالب يدرس العربية وآدابها في السنة الأولي ثم يلتحق بقسم من أقسام الكلية حسب رغبته.
حاز مكتبة ضخمة مليئة بالكتب المتنوعة في اللغات والاداب والإسلاميات.. رزقه الله بأبناء عشقوا الثقافة. وحافظوا علي مكتبته بعد وفاته لتظل مصدرا ثريا لهم في المعرفة.
كان رحمه الله حافظا لآلاف الأبيات الشعرية قديما وحديثا. وحفظ شعر أمير الشعراء أحمد شوقي حيث كان يتمتع بذاكرة حافظة حتي يوم وفاته.
أخرج للمكتبة العربية عددا ضخما من المؤلفات في اللغة العربية واللغة الإنجليزية يشرح العربية وأصولها كأنه مدرس لغة عربية ويتحدث الانجليزية وآدابها فتظنه من أهل بريطانيا يفخر بنفسه. وبنشأته ويعتز بأنه ابن القرية اليتيم الذي تفوق علي زملائه خريجي المدارس الأجنبية.
كان تفوقه في اللغة الانجليزية وآدابها يعد تحديا صارخا لكل من حوله الذين أرادوا له الدراسة في مجال آخر. لكنه أصر علي استكمال دراسته في قسم اللغة الانجليزية.
من أعماله: كتاب المصطلحات الإنجليزية في الدراسات المكتبية ليدرس في قسم الوثائق والمكتبات بجامعة طنطا عند انتدابه للتدريس بكلية الآداب. وقاموس رياضة كرة القدم بالإنجليزية وكتاب موضوعات الساعة والأحداث الجارية بالإنجليزية ليستعين به طلاب الثانوية العامة وكتاب حول الإسلام بالإنجليزية وآخر عن هلين كيلر والأمثال الشعبية في الحياة الزوجية وهنا وهناك وقل ولا تقل في تصحيح النطق لبعض الكلمات العربية إلي آخر مجموعة الكتب التي تزيد علي ثلاثين كتابا. لكونه كان يقيم بمدينة طنطا لم ينل حظا من الشهرة.
كان رحمه الله إذا ما تواجد في مكان ملأه علما وثقافة وكان الحديث الدائر بين المتواجدين حول الكتب والكتاب والأدب والأدباء لي معه حكاية.. حين استمع إلي شعري سر سرورا عظيما. وتعجب كيف لا أقدم علي نشر ما اكتب. وكلف أحد ابنائه ــ صاحب دار نشر علي طبع أول دواويني هدية منه ليخرج إلي النور يقرأه الناس وتتوالي الدواوين بعد ذلك.
ما سألته يوما عن معلومة ثقافية أو عن مفكر إلا وتناول في اجابته بالشرح والتفصيل كل شيء حول السؤال موثقا ما يقل بالمراجع والمعاجم.. رحم الله استاذنا محمود سالم الذي حرمته الإقامة بطنطا من حقه في الشهرة والانتشار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف