جريدة روزاليوسف
د. حماد عبد الله حماد
ما نفتقده اليوم!
كانت المدرسة الثانوية فى الستينيات، مدرسة متميزة بالانضباط فى كل مستويات الدراسة فى مصر سواء «ثانوى عام أو تجارى أو زراعى أو صناعى»، كما كان التقسيم الذى بدأ فى أوائل الخمسينيات مع مبادئ ثورة يوليو، والاعتماد على شباب الوطن من الخريجين فى المؤهلات المتوسطة لتحمل المسئولية فى شركات القطاع العام والخدمات الحكومية، ومشروعات الثورة العملاقة مثل السد العالى والحديد والصلب والكيماويات والإنتاج الحربى ومشروع الإصلاح الزراعى، وغيرهم من صناعات كانت وسيلة الثورة وأهدافها فى نفس الوقت للتنمية ونقل البلاد من صفة الدولة الزراعية إلى دولة صناعية، حتى إنه قيل بأننا ننتج من «الإبرة للصاروخ ». ولعل مادة التربية العسكرية التى كانت مقررة ضمن مناهج التعليم الثانوى، كانت هى المؤثرة والمهيمنة على المدرسة الثانوية، حيث مع استلام الطالب للكتب فى أول كل عام تسلم ملابس التربية العسكرية (الفتوة) كما كانت تسمى، ويشرف عليها هيئة الفتوة، وكان مقرها فى أحد القصور القديمة بضاحية جاردن سيتى وأتذكر أن أول من تعين لإدارتها اللواء «جمال نظيم»، وكانت تلك الملابس (يونيفورم) عبارة عن: بنطلون أزرق وقميص رمادى غامق، (وقايش) حزام عسكرى، و(جدر) حامى لقصبة الرجل، وشرابات، وحذاء عسكرى، وكاب أو باريه وكانت حصة التربية العسكرية، يقوم بها أحد الضباط الاحتياط ويعاونه عدد من صف الضباط، ومقرهم فى كل مدرسة، وكانت المدرسة تسمى كتيبة المدرسة، والفرقة الدراسية تسمى (سارية) والفصل يسمى (فصيلة) طبقاً لمسميات القوات المسلحة وتنظيمها الإدارى، وكان الانضباط فى كتيبة المدرسة فى جميع مدارس الجمهورية شيئًا يشهد له فى نهاية العام بشهادات تقدير وجوائز قيمة يقوم بتسليمها مدير مديرية التعليم فى المنطقة مع ناظر المدرسة مع قائد القوة أو التربية العسكرية، وكانت قام معسكرات فى نهاية الأسبوع للتدريب والترفيه وللعمل الاجتماعى الذى كان يستهدف نظافة المدرسة أو الشوارع المحيطة بالمدرسة، كما أن الأنشطة المدرسية تؤهل المعسكرات الصيفية ومعسكرات عمل شارك فيها شباب المدارس الثانوية فى زراعة الصحراوات فى الوادى الجديد، وشمال وجنوب التحرير «طريق مصر إسكندرية الصحراوى» وأسفل هضبة المقطم خلف قلعة صلاح الدين، كما أن (معسكر المكس) كان من أشهر معسكرات الفتوة التى كانت تقام على شكل أفواج طيلة شهور الصيف لاستقبال آلاف من الطلبة من جميع أرجاء الجمهورية، وكانت معسكرات أبى قير لاستقبال فتيات المدارس الثانوية فى جميع مديريات التربية والتعليم فى الجمهورية. ولعل من أبرز الأنشطة التى شارك فيها طلاب المدارس الثانوية، هو ذلك العرض العسكرى الذى يدخل ضمن فقرات العرض يوم 23 يوليو أمام المنصة التى شيدت خصيصاً لهذا العرض العسكرى الذى كان يحرص الرئيس جمال عبد الناصر على حضوره التى شاء الحظ أن نفقد الشهيد الرئيس محمد أنور السادات فى عام 1981 فى نفس منطقة العرض وتحت نفس المنصة فى يوم 6 أكتوبر أثناء العرض العسكرى الذى حل تاريخه الجديد (6 أكتوبر) بديلاً من 23 يوليو (عيد ثورة يوليو). هذه الملامح كانت هى التى يسعى كل طالب فى منهج التربية العسكرية أن يكون لديه الطموح فى الترقى (لرتبة الجاويش)، وكان يسمى شاويش المدرسة والتى كانت شرفًا عظيمًا وشيئاً نفتخر به كشباب وكان السلاح والعلم هما رمز الإنتماء لهذا الوطن وحافز النجاح وصانع الرجولة المبكرة لدى شبان لم يتعد عمرهم الثمانى عشر عاماً.. منتهى الانضباط، أين ذلك من اليوم!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف