المساء
يسرى حسان
نصـيب الفقـراء!!
غالبا فإن الوجبات المدرسية توزع علي طلاب المدارس العامة. وكما هو معلوم فهي مدارس أبناء الفقراء أو البسطاء أو الذين علي باب الله.
الوجبة المدرسية التي تقدمها الدولة لطلاب هذه المدارس ليست منة ولا منحة من أحد. بل ان الدولة هي المستفيد الأول منها قبل الطالب نفسه. فهي استثمار لو تعلمون عظيم.
هذه الوجبة. إذا كانت صالحة يعني وفيها ما يفيد الطالب فعلا تؤدي إلي أربعة أشياء. فهي أولا تغري الطالب بالذهاب إلي المدرسة وما يتبع ذلك من تلقيه للعلم. وثانيا. ومادامت صالحة. فهي تعينه علي تلقي دروسه وفهمها واستيعابها. ثالثا فهي تخفف عن أهله بعض الأعباء. وما أكثرها. رابعا فهي تساعد إلي حد ما في نشوء طفل يتمتع بصحة جيدة. لأن طفلا مريضا سيكون عبئا علي أهله وعلي الدولة كذلك. حيث سيكون عليها أن توفر له علاجا دائما. أي أنها بتقديم هذه الوجبة الصالحة توفر علي نفسها تعب القلب ومئات أضعاف ثمنها في تقديم العلاج إذا لم توفرها.
شاهدت مدارس في دول أوروبية غنية تقدم الوجبات لجميع الطلاب. وتوفر لهم باصات مجانية. فضلا عن أن هذه المدارس مجانية أصلا. ومبدأ هذه الدول أنها تريد مواطنين متعلمين أصحاء يساعدون في نهضة وطنهم. لا أن يصبحوا عبئا عليه. ولذلك فإن جميع نفقات علاج الطفل حتي الثانية عشرة من عمره تتحملها الدولة.
الذي يحدث عندنا في مصر. هو تحصيل حاصل. ليس في التعليم فحسب بل في كل شيء. تسديد خانات والسلام. وتكون النتيجة لا شيء علي الإطلاق. أو تكون في بعض الأحيان. كما هو حاصل مع الوجبات المدرسية. كاريثية.
وزير التربية والتعليم أوقف توزيع الوجبات بعد حالات التسمم في مدارس العديد من المحافظات. وهو قرار صادر عن يد مرتعشة وعقل لا يجيد التعامل مع الأزمات. نعم لابد من تحقيقات ومعاقبة المتسبيين في هذه الكارثة. لكن مع الاستعانة بموردين آخرين لتوفير وجبة صالحة ومضمونة. لكن ضعف الخيال وسوء تقدير الموقف والظروف يجعلنا نلجأ إلي أسهل الحلول. تماما كما حدث مع وزير نقل سابق وفاشل عندما وقعت حادثة لقطار السويس قرر وقف القطار تماما وليذهب الفقراء إلي الجحيم.
أما حالات التسمم التي حدثت. ودون أن يتهمني مسئول فاشل باستباق التحقيقات. فهي نتيجة قلة الضمير وانتشار الفساد واللصوصية والرشاوي. ولا سبب غير ذلك حتي لا تتعبوا أنفسكم في سين وجيم.
أغلب المسئولين عن المناقصات والمشتريات في معظم قطاعات الدولة لصوص ومرتشون ومتواطئون.. لكن أن تصل اللصوصية والرشوة والتواطؤ إلي التضحية بأطفال البسطاء والتعامل معهم كأنهم "بهائم" سيأكلون أي شيء دون أن تتأثر صحتهم. فهذا معناه اننا وصلنا إلي درجة من الفساد غير مسبوقة في تاريخ العالم كله.
هذا هو نصيب الفقراء في مصر. يدفعون الثمن دائما. غلاء أسعار. وقلة رواتب. وسوء رعاية صحية. وسوء تعليم. وسوء سكن. وسوء تغذية. وفي النهاية يتعرض أطفالهم للموت.. يحدث ذلك بينما لا حديث للكبار إلا عن محدودي الدخل ورعايتهم والتخفيف عنهم.. هل نخفف عنهم بالشروع في قتل أطفالهم؟!
ما يحدث يفوق طاقة البشر.. يا بشر!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف