تجتهد سلطات التحقيق الفرنسية في حشد كل أجهزتها وإمكاناتها كي تحدد ما إذا كان الشاب الفرنسي زياد بلقاسم المنحدر من أصل تونسي والذي نفذ هجوم مطار "أورلي" في باريس السبت الماضي إرهابياً أم لا.
بلقاسم - 39 سنة - اشتبك مع دورية شرطة أوقفته للتحقق من هويته بسبب قيادته لسيارته بسرعة في الصباح الباكر.. ثم توجه إلي مطار أورلي وحاول الهجوم علي شرطية من قوة الحراسة لاختطاف سلاحها فأطلق عليه زملاؤها الرصاص وأردوه قتيلاً.
إذن التهمة ثابتة.. لكنهم يريدون أن يستوثقوا مما إذا كان الشاب إرهابياً أم لا.. لا يكفي أن يطلق الرصاص علي دورية الشرطة.. ولا يكفي أنه حاول اختطاف سلاح شرطية للشروع - مرة أخري - في جريمة قتل لكي يوصف بأنه إرهابي.. هناك مواصفات أخري للإرهابي لكي يكون إرهابياً عندهم.
والد زياد ذكر في أقواله أن ابنه لا يصلي ولا يصوم.. ولا حتي يعرف جهة القبلة.. بالعكس هو مدمن للكحول والكوكايين والقنب الهندي.. وبالتالي - يقسم الوالد - علي أنه ليس إرهابياً.
بعد تشريح الجثة أخذت عينة من دمه لتحليلها.. وأثبت التحليل أنه تناول جرعة مفرطة من الكحول والمخدرات قبل الهجوم.. وأنه ارتكب الجريمة وهو تحت تأثير المخدرات.. وهو ما يرجح صدق أقوال الوالد بأنه ليس إرهابياً.
وذكر تقرير الشرطة أنه بعد تفتيش أغراضه وجد معه 750 يورو وسجائر وهاتف محمول وجرامات من الكوكايين وسكين.. وهذا أيضا يشير إلي أنه ليس إرهابياً.
وقالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إن تردد بلقاسم علي حانة قريبة من منزله بشكل دوري لتناول الكحول يعد تصرفاً يتناقض مع عقائد الإسلاميين المتطرفين.. الأمر الذي يجعل قضيته أكثر غموضاً.. إضافة إلي أن تعاطيه المخدرات يبعد عنه - في الغالب - شبهة أن يكون إرهابياً.
أضف إلي ذلك - تقول ليبراسيون - إنه بعد أن اشتبك مع الشرطة في الصباح أرسل رسالة نصية لأخته قال فيها "لقد ارتكبت خطأ.. أطلقت النار علي الشرطة".. وهذا تصرف غير مألوف لرجل يخطط لارتكاب عمل إرهابي.
في المقابل.. تثار شكوك وتكهنات ترجح أن يكون إرهابياً أو تواطأ مع إرهابيين.. فالشاب بلقاسم حسب صحيفته الجنائية كانت لديه سوابق عدة في السرقة والسطو دخل بسببها السجن.. ومن الجائز أن يكون قد تطرف داخل السجن ووجد من يجنده في خلايا الإرهاب.
وقال المدعي العام في باريس فرانسوا مولان إن بلقاسم ربما وجد نفسه في نوع من الهروب إلي الأمام وسط مسار مدمر أكثر فأكثر.. لأنه فرد عنيف جداً مع وجود نوايا إرهابية لديه.
أما شهادة الجيران فتقول إنه كان مخيفاً وشيطاناً صغيراً.. وكان يبدو عليه أنه حسم أمره ويريد أن ينهي شيئاً ما.
والآن.. ماذا نستنتج من هذه التساؤلات والتكهنات؟!
الواضح أنهم يبحثون عن أي خيط مهما كان رفيعاً للربط بين المتهم والدين الإسلامي حتي يقولوا عنه بملء أفواههم إنه إرهابي.. لو عثروا علي شهادة واحدة تشير إلي أنه كان يصلي أو يدخل المسجد أو يتحدث عن الدين مجرد حديث فلسوف يعلنون علي الفور أنه إرهابي دون انتظار لشواهد أو إثباتات أخري.
أما أن يكون مدمن مخدرات ولصاً وقاتلاً فذلك وحده لا يكفي لكي يكون إرهابياً.. فقد نجحوا - للأسف - في أن يجعلوا الإرهاب إسلامياً.